لم يحتج حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى أمس أكثر من عشرة دقائق وأقل من ألف كلمة، ليضع النقاط على كثير من الحروف، وليرسم ملامح طريق قويم، عجز كثيرون، طوال سنوات، عن قراءته بصورته الصحيحة وأهدافه النبيلة.فجاءت كلمات جلالة الملك المفدى في افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الثالث للمجلس الوطني مساء أمس، إضاءة جديدة نحو مستقبل واعد ينتظره الجميع بكل بشوق وترقب، ليبدد من أنفسهم أوهاماً وتكهنات.لامس صاحب الجلالة بكلماته الأبوية قلوب مئات الآلاف من البحرينيين، مطمئناً إياهم أن "المملكة بخير”، وبحزم القائد محذراً من أي تجاوز أو استغلال للمناخ الديمقراطي الذي تعيشه البلاد، ومؤكداً الرفض المطلق وبكل حزم لأي تدخل خارجي في الشأن الداخلي، كذلك التصعيد الخطير في الشارع وممارسة العنف والإرهاب الذي طال الجميع، مواطنين ومقيمين، وموجهاً السلطة التشريعية إلى العمل على تجريم كل ما يمس الوحدة الوطنية وأمن المجتمع البحريني المسالم.وبخبرته وحنكته المعهودة، قدّم جلالة الملك رؤيته لمستقبل أجمل لن يكون إلا بترسيخ الديمقراطية كممارسة حقيقية، واعتماد الشفافية وحقوق الإنسان وحرية الرأي مبادئ مقدسة للعمل الوطني، ضمن حدود الجسد الواحد "البحرين”، وضمن ما تم التوافق عليه في الحوار الوطني وبمختلف مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، واستمراراً لتنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.وحدد جلالة الملك للمجلس التشريعي نقاطاً أساسية للعمل في المرحلة المقبلة، من شأنها أن تحقق طموح جلالته كأب لكل أبناء الوطن، وهي؛ مواصلة تطوير الاقتصاد والتنمية الشاملة، وتنويع مصادر الدخل الوطني، وتحسين الأداء والإنتاجية، والعمل على رعاية الشباب.ورغم حجم المسؤولية داخلياً، لم ينس جلالة الملك التأكيد على ثوابت البحرين عربياً وعالمياً، وفي مقدمتها حق الشعب العربي الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كذلك دعوة جلالته الصريحة إلى وقف نزيف الدم العربي والإنساني في سوريا الشقيقة في أي إطار من التوافق العام واحترام حقوق الإنسان وإرادة الشعوب .رؤية ملكية متكاملة، تلك التي قدمها جلالة الملك أمس، تنتظر من يتلقاها بعناية، ويقرأ ما بين سطورها، حتى تبقى البحرين كما كانت دائماً قوية بأبنائها وإرادتها الحرة.
رؤية ملكية لمستقبل أجمل
15 أكتوبر 2012