تتمتع كرة القدم بالكثير من القصص التي تجمع بين لاعبين من مُختلف الجنسيات والثقافات، لكن القصة التي جمعت بين المهاجم المصري أحمد حسام "ميدو" والنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش تظل واحدة من أكثر القصص إثارة في عالم الساحرة المُستديرة، فقد شهدت علاقتهما بين الصداقة والمشاغبات، حتى أصبحت محط حديث الجميع.
وتبقى عبارة "ذات مرة أنا وصديقي زلاتان"، التي رددها "ميدو" كثيراً، عن حكاياته مع زميله السابق في نادي أياكس أمستردام الهولندي، الأسطورة السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، واحدة من أشهر الجمل الساخرة التي تستخدمها جماهير كرة القدم، غير أن حقيقة هذه الجملة تحمل ورائها الكثير من الحكايات الغريبة حول صداقة الثنائي المثيرة للجدل.
اللقاء الأول: البداية من أياكس أمستردام
في بداية الألفية الجديدة، شهدت الملاعب الأوروبية أول لقاء بين ميدو وزلاتان في صفوف نادي أياكس الهولندي، وكان ميدو قد انضم إلى الفريق الهولندي قادمًا من نادي مرسيليا الفرنسي، بينما كان زلاتان واحداً من أبرز لاعبي أياكس في تلك الفترة.
تبدو الصورة الأولية التي تراها في كل التقارير عن تلك الفترة والتي جمعت "الثنائي المشاغب" وكأنها قصة فيلم أكشن.. زلاتان، المعروف بشخصيته الكبيرة وطموحه اللامحدود، لم يكن يتوقع أن يلتقي بمهاجم مصري شاب لديه نفس الحدة في التنافس، كما كان لديه أيضًا روح دعابة غريبة وميل للمشاغبات.
المشاغبات على أرض الملعب
لا يخفى على أحد أن كلاً من "ميدو" و"إبراهيموفيتش" كانا معروفين بطبيعتهما القوية والمزاجية داخل الملعب، فقد كانت المُشاغبات بينهما بداية لطيفة مليئة بالمنافسة المفعمة بالحماس، إلا أن تلك المُشاغبات سرعان ما تحولت إلى مواقف طريفة جعلت وسائل الإعلام تلاحق كل تحرك لهما.
في أحد المباريات الودية، كان ميدو يُلقب بـ"الطفل المزعج" بالنسبة لزلاتان بسبب تعليقاته الفكاهية على أسلوب لعب الأخير، بينما زلاتان، الذي كان يعتقد دائمًا أنه "الأفضل في أي فريق"، لم يفوت فرصة التسلية على حساب ميدو في التدريبات، هذه المشاجرات العابرة سرعان ما تحولت إلى لحظات من السخرية والضحك بين اللاعبين، وهو ما انعكس بدوره على علاقتهما خارج الملعب.
الصداقة: من المشاغبات إلى الاحترام المتبادل
ورغم كل هذه المُشاغبات، لم يكن هناك أي مجال للتنازع أو العداء بين الثنائي، على العكس، أصبح كل منهما يقدر الآخر بعد أن مرَّا معًا بتجارب لا تُنسى، حيث كانت علاقتهما تتسم بالصداقة الحقيقية، حيث أصبحا يتحدثان عن حياتهما الشخصية وعلاقاتهما بأسرهم بعيدًا عن كرة القدم.
في عام 2005، انتقل ميدو إلى توتنهام هوتسبير الإنجليزي، بينما استمر زلاتان في التألق في إيطاليا مع يوفنتوس ومن ثم برشلونة، ورغم ابتعادهما عن بعضهما البعض على الصعيد الكروي، استمر التواصل بينهما، وكانا يتبادلان المزاح والحديث عن ذكريات أياكس.
إبراهيموفيتش يعلق على ميدو: "أحمد كان مضحكًا، وعقله لا يشبه عقلي!"
في أحد حواراته الصحفية، تحدث النجم السويدي، عن صديقه ميدو قائلاً: "أحمد كان شخصًا غريبًا، لكنه كان ممتعًا للغاية. لم يكن هناك يوم لا نضحك فيه سويًا في أياكس. كنت أعتقد أن عقله لا يشبه عقلي، لكنه كان يعرف كيف يجعلني أضحك من القلب". وأضاف: "يُعتبر ميدو شخصًا نقيًا وأمينًا، في ظل عالم كرة القدم الذي تكثر فيه التوترات".
ميدو: "زلاتان أفضل مهاجم لعبت بجانبه"
أما ميدو فقد صرح في أكثر من مناسبة بأن زلاتان كان من أفضل المُهاجمين الذين لعب معهم على الإطلاق، رغم شخصيته القوية والمثيرة للجدل.
قال ميدو في إحدى تصريحاته: "زلاتان قد يكون في بعض الأحيان مثيرًا للجدل، لكنني تعلمت منه الكثير.. كان دائمًا يطمح للأفضل، وكان يعاملنا جميعًا كأشخاص مهمين في الفريق".
"قصة خناقة المقص" الشهيرة داخل غرفة ملابس أياكس
وصل الثنائي إلى قمة مستوياتهما وكانت التنافسية شديدة بينهما على مركز المهاجم الأساسي في أياكس حتى منتصف موسم 2002-2003، وبحسب ما ذكره إبراهيموفيتش في كتابه الذي يحكي مسيرته، قال: "أنا زلاتان إبراهيموفيتش"، فقد كان هذا الموسم مفصليًا في مسيرة الثنائي، خصوصًا بعد واقعة المقص الشهيرة.
يقول زالاتان، أن الأزمة بدأت عندما خرج ميدو غاضبًا بسبب جلوسه بديلاً خلال مباراتنا ضد إيندهوفن في الدوري الهولندي، وعندما دخل إلى غرفة الملابس كان غاضبًا للغاية وأطلق ألفاظًاً نابية في حق الجميع، قائلًا "أنتم حقراء بائسون".
لم يستطع إبراهيموفيتش السكوت، وقام بالرد على ميدو، قائلاً: "أنت الوحيد السيئ في هذا الفريق"، وهو ما أثار حفيظة النجم المصري، الذي كان مُمسكًا بمقص يقص به ضمادة على قدمه، فقام بإلقائه بقوة ناحية زلاتان، لكن المقص مر بجوار رأسه ولم يسبب له أذى.
تدخل كومان لتهدئة الأمور بين ميدو وإبراهيموفيتش
على الفور تدخل رونالد كومان والجهاز الفني لأياكس وقتها، وقاما بتهدئة الأمور بين الثنائي داخل غرفة خلع الملابس، حتى خرجا سويًا وكأن شيئا لم يكن "ظاهريًا"، لكن ما ظهر بعدها هو أن العلاقة بين الثنائي في الملعب باتت شبه مستحيلة.
وعن هذه اللحظة، قال "إبرا" في كتابه: "بعد ذلك، نظرنا إلى بعضنا البعض وبدأنا بالضحك.. حيث قال لي ميدو (أنت تعرف أنني كدت أن أقتلك؟)، فقلت له: نعم أعرف".
ويبدو من أغرب ما ذكره النجم السويدي عن تلك الواقعة المؤسفة في كتابه الشهير، أن المدير الرياضي لأياكس آنذاك قام بالاحتفاظ بالمقص الذي كان سببًا في الشجار مع ميدو، حتى يكون بمثابة تذكار، وعلق مازحاً: "ربما أراد أن يروي لأولاده، في يوم من الأيام، ويقول لهم هذا المقص كان سيصيب إبراهيموفيتش".
بعد هذه الواقعة، توترت العلاقة بين ميدو ومدربه العنيد كومان، وقرر الأخير الاستغناء عن النجم المصري، لينتقل بعدها معارًا إلى سيلتا فيجو الإسباني، ولم يعد إلى أياكس بعدها.