تُقاس الأمم بتقدّمها ورقيها وعلمها وكذلك بحضارتها وثقافتها، وتلك المقاييس تستند على أسس وقواعد كثيرة منها التطور الخدماتي والتثقيفي وسُبل الوقاية والحماية، لذلك نجد في دول العالم الأول هناك العديد من أوجه المعايير الخاصة بالحماية والتي تتعدد أشكالها وجوانبها، فتجد الملاجئ المجهزة تجهيزاً كاملاً حتى وإن لم تكن هناك دواعٍ آنية لها، وتجد الميزانيات المرصودة لعملية التوعية ونشر الثقافة في كافة أشكالها وصورها خاصة المتعلقة بسبب وطرق الحماية والوقاية سواء من الأمراض أو من الحروب أو غيرها من الآفات والكوارث الطبيعية والبشرية أو الصحية.لذا فإن من دواعي التطور والرقي أن تجد هناك من يعمل على تلك الجوانب مستبقاً الأحداث بل ومستعداً لها بجانب مهامه والتزاماته الأخرى التي لا تقل أهمية عن هذا المجال وهو الحماية المدنية، لذلك وضعت وزارة الداخلية رؤية واضحة المعالم في مجال الاستراتيجية الوطنية للطوارئ، وهي أن تكون مملكة البحرين محمية من خلال ثقافة السلامة والتوعية والحد من كل المخاطر الرئيسة التي تؤثر على خير وصالح السكان وثروات الأمة، والهدف منها أنه عند وقوع أي أزمة رئيسة فإن إدارة هذه الأزمة والتعافي من نتائجها وآثارها ستكون سريعة وناجحة، ونظراً لأهمية تلك المنصة فإن وزير الداخلية هو من يتولى الإشراف على وضع السياسات الوطنية التي تدعو إلى تشجيع إيجاد الثقافة الوطنية للتوعية من المخاطر والحد منها وتحديد الإجراءات الفاعلة لمواجهتها، وبنفس الوقت يشرف على وضع السياسات التي تضمن الاستجابة الفاعلة والمناسبة عند وقوع الأزمات أو حالات الطوارئ من اجل إدارتها والتعامل معها بنجاح والتعافي بسرعة من آثارها.من خلال لقاء وزير الداخلية بأهالي المحرق قبل حوالي أسبوع، سلط الضوء على المنصة الوطنية للحماية المدنية، معللاً أهميتها بحياة المواطنين وضمان سلامتهم، الأمر الذي دعاني إلى زيارة الموقع الخاص بها للتعرّف عن قرب على رؤيتها وأهدافها وكيفية تحقيق تلك الاستراتيجية الموضوعة، وفي الحقيقة هي أهداف تحمل رؤية متطورة وتعكس مدى التطور الحكومي في الخدمات المقدمة للمواطنين، حيث تهتم المنصة بتشجيع المفهوم الموحد من الأعلى إلى الأسفل لتحقيق الغاية وتقديم الإرشاد والتوجيه والدعم والتشجيع من أعلى المستويات القيادية في المملكة مقرونة بالتأكد من إدراك القيادات والإدارات العليا على جميع المستويات في القطاعين العام والخاص لهذه السياسة وتشجيعهم لها من خلال المؤسسات التي يعملون بها، بالإضافة إلى تطوير سياسة توعية عامة في المملكة لتنشيط مثل هذه الثقافة، وهذا ما يستدعي وجود شراكات مجتمعية رسمية وأهلية خاصة في مجال التربية والتعليم للوصول إلى ضمان أن المناهج الدراسية والمواد التعليمية والتدريبية ذات الصلة تشتمل على التوعية بالمخاطر وبرامج السلامة والحد من هذه المخاطر.لم يغفل هذا المشروع الرائد المجال العلمي والبحثي بل شدد على تشجيع عملية البحث من أجل إبراز مزايا هذه الثقافة من خلال تحليل الفوائد العائدة من ذلك، وتشجيع المعرفة والسياسات على مستوى المجتمعات المحلية لمواجهة المخاطر المحلية.باختصار المنصة الوطنية للحماية المدنية هو مشروع حضاري رائد يستحق أن نطّلع جميعنا عليه حماية لوطننا وأنفسنا ومجتمعاتنا.