يعرض مهرجان أبو ظبي السينمائي في دورته السادسة وضمن مسابقة الأفلام الوثائقية فيلم «البحث عن النفط والرمال» للمخرجين وائل عمر وفيليب ديب للمرة الأولى عالمياً، بعد منحه دعم صندوق «سند» الذي يهدف إلى تشجيع الإنتاج السينمائي.ويكتسب هذا العمل الذي يتسابق لنيل إحدى الجوائز الخمس في فئة الأفلام الوثائقية والذي يمتد على 58 دقيقة باللغة الإنجليزية دون ترجمة إلى العربية، أهمية قصوى لأنه يستند إلى لقطات غير منشورة من فيلم صورته العائلة المالكة قبل أيام من ثورة العام 1952، ولأنه يحكي واقع العائلة التاريخي من ناحية وحاضر مصر اليوم من ناحية أخرى.في تلك الفترة، قرر أفراد العائلة المالكة، خصوصاً الأميرة فايزة أخت الملك وزوجها، خوض مغامرة سينمائية تقضي بتصوير فيلم باسم «النفط والرمال»، يحكي قصة قائد يحاول استعادة مملكته بعد إطاحته بانقلاب عسكري. ويقوم أفراد الأسرة الحاكمة بالفعل بتصوير الفيلم وإخراجه، ويتحول الفيلم إلى نبوءة مع انطلاق الثورة على الملك فاروق بعد أسابيع قليلة فقط.ويستند الفيلم إلى مجموعة أشرطة تم اكتشافها بعد ستين عاماً من تلك الثورة في قبو محمود ثابت الذي كان والده عادل ثابت يملك تلك الأشرطة نظراً إلى علاقته بالممثلة الهوليودية الصاعدة فرنسيس رامسدين التي استقرت في مصر واندمجت في أوساط العائلة الحاكمة قبل أن تأسرها مغامرة حب.يتحول محمود ثابت في «البحث عن النفط والرمال» إلى راو يقص حكاية ذلك الزمن الجميل وبين يديه مادة الأرشيف المدهشة. وتؤدي الأميرة فايزة وأعضاء آخرون من العائلة المالكة ودبلوماسيون غربيون الأدوار الرئيسة في الفيلم الأصلي الذي أخرجه وصوره زوجها بولنت رؤوف.واستعان المخرج آنذاك لإنجاز فيلمه بما كان يعرف باسم «مجموعة الزهرية» نسبة إلى قصر الزهرية المخصص له ولزوجته والذي كان يقصده الفنانون والمثقفون الغربيون الوافدون إلى مصر.وإضافةً إلى اللقطات من الفيلم القديم، يستحضر الفيلم الوثائقي الراهن عدداً من الأشخاص الذين مازالوا على قيد الحياة والذين شاركوا آنذاك في مغامرة الفيلم. ويتعرف المشاهد من خلالهم بيوتهم وقلوبهم وأحلامهم في وقت تحول فيه الزمن وانقلبت فيه الأوضاع رأساً على عقب.وتزامن تحول مصير أولئك الأشخاص مع انتهاء فترة العهد الملكي في مصر واضمحلال تلك الطبقة الارستقراطية. وقد اختلف المشهد المجتمعي في مصر شيئاً فشيئاً مع الوقت لتختفي إلى الأبد تلك الطبقة المخملية من المجتمع ومعها كل ما كان يواكبها من طرق عيش وحداثة وزمن جميل.ويكشف الفيلم أسلوب الحياة الجنوني في ذلك الزمن أوساط تلك الطبقة وطريقة عيشها ولباسها وأناقتها وسلوكياتها المجتمعية.والماضي الذي يثيره «البحث عن النفط والرمال» لا يمكن مشاهدته اليوم إلا على ضوء التغيير الجاري حالياً في مصر بعد ثورة يناير، والاستعارات المعتمدة في الفيلم بمستوييه الماضي والحاضر تتخطى حدود مصر وتغييراتها.