أولاً علينا إدراك حقيقة ثابتة، مفادها بأنه "لا توجد جنة على الأرض"، وأيضاً هناك حقيقة أخرى تقول إنه في كل مكان وزمان ستجد مساعي وجهوداً لصناعة حياة أفضل ومستقبل أجمل، لكن لا أحد يصل للكمال، فالنواقص لابد وأن توجد.

في المقابل هناك عمل لأجل تحقيق الأفضل، ولأجل إصلاح ما يمكن إصلاحه، ولأجل التطوير، ومن يقومون بذلك أناس لا يعترفون بكلمة اليأس، أناس يعملون بجد واجتهاد لتحقيق الأفضل، أناس لديهم قناعة بأنهم يعملون لأجل قضية مقدّسة تخدم أوطانهم ومجتمعاتهم، وحينما تجد لديك مثل هذه النوعيات في مجتمعك فاعلم بأن الأمل دائماً موجود بتحقيق الغايات والأهداف.

هل يعني ذلك أن ننسى مشاكلنا؟! أو أن نقلّل منها؟! أو أن نقول بأن جميع الأمور طيبة، والوضع ممتاز، وألا يغير الله علينا؟!

أبداً لا، فلو لم تكن المشاكل والمؤرقات موجودة، لما وُجِدت مساعٍ بشرية لإيجاد حلول لها، ولما وجدنا حراكاً متنوعاً ومختلفاً لتحقيق الأفضل، إذ كما يُقال: الحاجة أم الاختراع. وهنا يعني أن إيجاد الحلول وابتكار المعالجات ناجم عن إحساس بالمشكلة وإيمان بضرورة حلها.

هل ننظر هنا، وهل ننشر فلسفة يراد بها "تخدير العقول"، وأن نستخدمها لتهدئة نفوس الناس، أو التقليل من حجم مشاكلهم ومؤرقاتهم؟!

طبعاً الإجابة لا، لكن الهدف هو إدراك نقطة مهمة في حياتنا، تتمثل بأنه حتى لو لدينا مشاكل وقضايا تستوجب الحلول، وحتى لو رأينا الحراك يذهب يمنة ويسرة وكأن الأمور لا تتيسر بسهولة، لا يجب أبداً أن نفقد الثقة بوجود جهات وأشخاص يعملون لأجل الحلول ولأجل الأفضل، لا يجب أن نيأس ونعتبر هذه الإشكاليات دائمة ولن تنتهي. إذ كل الحلول وكل الإنجازات وكل الابتكارات أساسها وجود المشاكل والمؤرقات.

طيب ماذا نفعل لو استمرت بعض المشاكل وطالت فترة إيجاد الحلول لها؟!

هناك طرق عدة للتعامل، سواء أكان بتوقّع الخير على مدى قريب، متوسط أو بعيد، أو المساعدة بتقديم مقترحات لتسهيل عمليات التفكير بشأن إيجاد الحلول يستفيد منها المعنيون، وذلك من منطلق المشاركة في الحلول والتفكير معاً. وهناك الحل الذي لا يعتبر حلاً أصلاً، لأنه يقدم الشخص من خلال ردات فعله أو أقواله أو ما يشيعه في أوساطه المعنية والمجتمعية من آراء سلبية أو تعابير يائسة، وكأنه وصل لمرحلة يعيش فيها داخل المشاكل ولا ينتبه بأن حياته فيها من الأمور الأخرى الإيجابية التي يجب أن نلتفت لها ونهتم بها.

طوال حياتك هناك أمور في قيد الانتظار، وهناك أمور تنتظر الحلول، وهناك مشاكل تظهر وأخرى تختفي، لكن ليس من الصحيح أن نظل أسرى لكل ما هو بانتظار الحل أو ما هو بانتظار التحقق. نعم نأمل أن يكون القادم أفضل، لكن حياتك هي التي تمضي فيها حالياً، وكلها دقائق وثوانٍ، فلا تحرقها باليأس والانشغال المُبالغ بالهم. وثق بقول الله تعالى: إن مع العسر يسراً.