وليد صبري - تصوير جمشيد شماس
البلدان يتّبعان سياسة تتّسم بالدبلوماسية الهادئة..
أكثر من 518 مليون دولار التبادل التجاري حتى نهاية 2023
زيارة سلطان عمان للبحرين فتحت آفاقاً رحبة للتعاون المشترك
876 شركة بحرينية مستثمرة في عُمان بحسب إحصائيات 2022
أكد سفير سلطنة عمان لدى مملكة البحرين السيد فيصل بن حارب البوسعيدي، أن «رؤيتَي البلدين «عُمان 2040» و«البحرين 2030» لديهما تطلّعات طموحة ومتشابهة نحو التنويع الاقتصادي»، مشيراً إلى أن «اللجنة العُمانية البحرينية المشتركة تعمل على تعزيز آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين في العديد من المجالات الاقتصادية والاستثمارية وذلك لتحقيق التكامل بين الرؤيتين».
وأضاف في حوار لـ«الوطن»، بمناسبة ذكـرى العيد الوطني لسلطنة عمان الشقيقة، أن «العلاقات العُمانية البحرينية بُنِيَت على أُسس صلبة منذ مرحلة ما قبل التاريخ لصيد اللؤلؤ وتجارته، وتجارة اللبان، حيث كانت رائجة بين البلدين والشعبين خاض الأجداد والآباء العمانيون والبحرينيون في غمارها البحر»، لافتاً إلى أن «آخر بيانات رسمية للتبادل التجاري بين البحرين وسلطنة عُمان أظهرت أن التبادل التجاري يزيد عن 518 مليون دولار حتى نهاية العام 2023».
وأشار السفير العماني، إلى أن «سلطنة عُمان ومملكة البحرين تتّبعان سياسة خارجية تتّسم بالدبلوماسية الهادئة التي تدعو إلى الحوار والتفاهم المشترك وتضعان كل الإمكانات في خدمة مصالح الوطن والدفاع عن القضايا القومية الكبرى»، موضحاً أن «سلطنة عُمان ومملكة البحرين تبذلان جهوداً كبيرة في سبيل توحيد وجهات النظر من خلال اتخاذ الخطوات التي من شأنها دعم وتعزيز التعاون بين الأشقاء والعمل الخليجي المشترك».
وشدّد على أنه، «وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، ومنذ أن تولّى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عمان مقاليد الحكم، حقّقت سلطنة عُمان قفزات نوعية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية»، مبيّناً أن «سلطنة عُمان تقود استراتيجية وطنية للحياد الصفري الكربوني والتحوّل في الطاقة».
وفيما يأتي نص الحوار: هل لنا أن نتطرّق إلى العلاقات التاريخية والوطيدة والوثيقة بين البحرين وسلطنة عمان؟
- بُنِيَت العلاقات العُمانية البحرينية على أُسس صلبة منذ مرحلة ما قبل التاريخ لصيد اللؤلؤ وتجارته، وتجارة اللبان، حيث كانت رائجة بين البلدين والشعبين خاض الأجداد والآباء العمانيون والبحرينيون في غمارها البحر.وقد مُثلت حضارة «مجان» و«دلمون» لتكون حجر الأساس لعلاقة قوية واستراتيجية، لتزداد متانةً وصلابة عاماً بعد عام، وصولاً إلى عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عمان -حفظه الله ورعاه– وأخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم لترتسم معالم المستقبل المشرق بين البلدين.
هل لنا أن نتطرّق إلى حصاد زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عمان الشقيقة لمملكة البحرين؟
- أتت زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم إلى مملكة البحرين بدعوة كريمة من أخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين الشقيقة لتشكل استمرارية لتطوير العلاقات الثنائية وتعزّز مصلحة البلدين في شتى المجالات في ظلّ ما يجمع القيادتين من فكر ورؤية مشتركة، وما يجمع البلدين من اهتمامات مشتركة سياسياً واقتصادياً وثقافياً ورياضياً وغيرها من المجالات، حيث فتحت هذه الزيارة آفاقاً واسعةً لمزيد من التعاون الثنائي المشترك في جميع المجالات.
كما شهدت هذه الزيارة الكريمة عقد أصحاب الجلالة جلسة مباحثات أكدت على ما تحظى به العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين الشقيقين من مكانة كبيرة والتطلّعات المستمرة نحو كل ما يعزّز التعاون والتكامل بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات.
كما فتحت هذه الزيارة آفاقاً رحبة للتعاون المشترك في مختلف القطاعات وذلك عبر جملة الاتفاقيات التي تم توقيعها والتي بلغ عددها 24 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية بين سلطنة عُمان ومملكة البحرين وهي كالتالي:
التوقيع على 6 اتفاقيات شملت التعاون بين حكومتي البلدين في المجال الأمني، ومجال النقل البحري وحرية الملاحة البحرية وتطوير نقل الموانئ، والتعاون بين مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» وجامعة السلطان قابوس في مجال الدراسات والبحوث، والاتفاق على تأسيس شركة عُمانية بحرينية قابضة في المجالات الاستثمارية، وكذلك منح سلطنة عُمان حق السيادة على معلومات المشتركين التابعين لها في الخدمات الإلكترونية المقدمة ومراكز الحوسبة السحابية القائمة بمملكة البحرين، ومنح سلطنة عُمان صفة الشريك المعتمد للمركز العالمي لخدمات الشحن البحرية والجوية.
وشهدت الزيارة أيضاً توقيع سلطنة عُمان ومملكة البحرين على 18 مذكرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذياً مشتركاً، شمل التعاون بين حكومتي البلدين في مجال تقنية المعلومات، وفي مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والتدريب المهني، والتعاون في المجالين العلمي والتربوي للعامين الدراسيين (2022-2023، و2023-2024)، والتعاون في مجال حماية المنافسة ومنع الاحتكار، والتعاون في مجال علوم وتقنيات الفضاء، والتعاون في مجال الملاحة الجوية، والتعاون في مجال العمل البلدي، والتعاون في مجالات التنمية الاجتماعية، والتعاون في مجال تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، والتعاون في مجال العمل الثقافي والتراثي والمتحفي للأعوام (2023-2026)، والتعاون السياحي بين البلدين للأعوام (2022-2026)، والتعاون في مجال التوثيق التاريخي وإدارة الوثائق والمحفوظات، والتعاون في المجال الزراعي والحيواني والسمكي لعامي (2022-2023)، والتعاون في مجال حماية البيئة للفترة بين (2023-2024 )، والتعاون في المجالات الشبابية للأعوام (2023-2025)، إضافة إلى التوقيع على برنامج تنفيذي بين وزارتي الخارجية في البلدين خلال العامين (2023-2024)، والتوقيع على اتفاقية بشأن تداول شركات الوساطة عن بُعد من خلال نظام التداول الإلكتروني «تبادُل هاب» الذي يربط بورصتَي البلدين وتمكين التداول المباشر بينهما.
هناك تقارب ملحوظ خاصة في المواقف المشتركة بين البلدين الشقيقين من القضايا الإقليمية والدولية والتنسيق في المواقف حيال هذه القضايا.. ما رأيكم في ذلك؟
- إن سلطنة عُمان ومملكة البحرين تتّبعان سياسة خارجية تتّسم بالدبلوماسية الهادئة التي تدعو إلى الحوار والتفاهم المشترك وتضعان كل الإمكانات في خدمة مصالح الوطن والدفاع عن القضايا القومية الكبرى.
وعلى ذات الصعيد، تبذل سلطنة عُمان ومملكة البحرين جهوداً كبيراً في سبيل توحيد وجهات النظر وذلك من خلال اتخاذ الخطوات التي من شأنها دعم وتعزيز التعاون بين الأشقاء والعمل الخليجي المشترك بما يعود بالمنفعة على الجميع في المنطقة.
إقليمياً، فإن البلدان يتخذان موقفاً ثابتاً وداعماً للشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه التي كفلها له القانون الدولي بتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وفقاً لقرارات مجلس الأمن وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
كم يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ وكم عدد الشركات الموجودة في كلا البلدين؟
- اقتصادياً، فإن العلاقة التجارية والاقتصادية بين سلطنة عمان ومملكة البحرين علاقة كبيرة وقديمة ممتدة منذ ميناء سمهرم ودلمون، والبحرين واحدة من أهم الشركاء التجاريين لسلطنة عُمان على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، فقد أظهرت آخر بيانات رسمية للتبادل التجاري بين البحرين وسلطنة عُمان أن التبادل التجاري بين البلدين يزيد عن 518 مليون دولار حتى نهاية العام 2023.
وبلغ عدد الشركات البحرينية المستثمرة في سلطنة عُمان بحسب إحصائيات العام 2022 نحو 876 شركة.
ما هي أهم الصادرات والواردات بين البحرين وسلطنة عمان؟
- إن من أهم السلع المصدّرة من سلطنة عُمان إلى مملكة البحرين هي الكابلات الكهربائية، والمنتجات الغذائية، فيما مثلت خامات الحديد والديزل أهم السلع المستوردة من مملكة البحرين.
تأسيس الشركة البحرينية العُمانية للاستثمار القابضة خطوة رائدة في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين.. ما آخر التطورات في هذا الشأن؟
- إن رؤيتَي البلدين (عُمان 2040) و(البحرين 2030) لديهما تطلّعات طموحة ومتشابهة نحو التنويع الاقتصادي، مما يفتح الفرص للاستثمار في القطاعات الداعمة لهذه الغايات، وهذا نتاج عمل اللجنة العُمانية البحرينية المشتركة التي تعمل على تعزيز آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين في العديد من المجالات الاقتصادية والاستثمارية وذلك لتحقيق التكامل بين رؤيتَي (عُمان 2040) و(البحرين 2030).
وتمّ في سبتمبر الماضي عقد اجتماع اللجنة التنسيقية لتأسيس الشركة حيث تمّ استعراض وجهات النظر حول آلية تسجيل الشركة وإشهارها وفق النُظم والقوانين المُتّبعة لدى الجهات المختصّة واستكشاف الفرص الاستثمارية المُتاحة في القطاعات المُتفق البدء فيها في سلطنة عُمان أولاً والتي تركّزت في قطاع الأمن الغذائي والقطاع اللوجستي.
ماذا عن طبيعة العلاقات بين البلدين الشقيقين في المجالات المختلفة؟
- إن التعاون المشترك بين البلدين في المجالات الدبلوماسية والسياسية هو تعاون فريد من نوعه ويُحتذى به، ووصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية من خلال تأسيس اللجنة العُمانية البحرينية المشتركة والتي يترأسها وزيرا خارجية البلدين، حيث تعمل اللجنة على تحقيق التكامل بين رؤيتَي «عُمان 2040» و»البحرين 2030»، وكان آخر اجتماعاتها هو الاجتماع الوزاري الثامن الذي عُقد في مسقط خلال الأيام القليلة الماضية.
هل لنا أن نتطرّق إلى الإنجازات الكبيرة لسلطنة عمان في عهد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سلطان عمان الشقيقة؟
- إننا نحتفل اليوم بالذكرى الرابعة والخمسين لعيد سلطنة عُمان الوطني، وسط منجزات تنموية متسارعة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، الذي أخذ على عاتقه استكمال مسيرة البناء وتحقيق أهداف النهضة المتجدّدة للمواطن العُماني في مختلف مجالات الحياة التي تأسست في عهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه قبل أكثر من خمسين عاماً.
وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، ومنذ أن تولّى جلالة السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم، حقّقت سلطنة عُمان قفزات نوعية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية، إذ أطلقت السلطنة مشروع رؤية «عُمان 2040»، في يناير 2021، تمهيداً لتنفيذها على مدى 4 خطط تنموية متتالية استهلتها بانطلاق خطّة التنمية الخمسية العاشرة (2021-2025)، التي تُحقّق تطلّعات البلاد التنموية، الأمر الذي عزّز من إمكانات سلطنة عُمان، وترسيخ مكانتها كدولة عصرية تتمتع بالاستقرار والنمو داخلياً، والتوازن والاعتدال في سياساتها الخارجية والدبلوماسية إقليمياً ودولياً.
وبفضل السياسات الاقتصادية الحكيمة لجلالة السلطان المعظم، تمكّنت سلطنة عُمان على مدى الأعوام الثلاثة الماضية من تحقيق نتائج إيجابية في عدد من المؤشرات المالية والاقتصادية والنقدية، حيث سجّل الأداء المالي لموازنة 2022 تحقيق فائض مالي يُقدّر بنحو مليار و146 مليون ريال عُماني (3 مليارات دولار).
كما أحرزت سلطنة عُمان تقدّماً في عدة مؤشرات فرعية بمجال التنافسية، مثل مؤشر الابتكار، والمؤشرات المرتبطة بتقنية المعلومات، وارتفعت بترتيبها في ركيزة التعليم بمؤشر الابتكار العالمي إلى ما بين أفضل 10 دول في العالم، بالإضافة إلى تقدّمها الملحوظ في بعض المؤشرات الدولية الأخرى، مثل مؤشرات الأمن الغذائي، وجودة وسلامة الغذاء، والوفرة الغذائية، والاستدامة والتكيّف، وغيرها.
إضافة إلى ذلك تقود سلطنة عُمان استراتيجية وطنية للحياد الصفري الكربوني والتحوّل في الطاقة، حيث نظّمت الجهود بداية من خلال مختبر إدارة الكربون بالتعاون والشراكة مع عدد من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، والذي توّجته التوجيهات السامية لجلالة السلطان المعظم سلطان عُمان بإنشاء مركز عُمان للاستدامة واعتماد عام 2050 لتحقيق الحياد الصفري الكربوني.