نجح فريق من الباحثين في متحف زايد الوطني في إظهار نص قرآني تحت طبقة زخرفية من ورق الذهب على صفحة من صفحات المصحف الأزرق، وهو أحد أشهر مخطوطات القرآن الكريم في العالم، ومن أهم الأمثلة على الخط الإسلامي. ومن خلال استخدام تقنيات التصوير متعدد الأطياف، تمكن الفريق من إظهار آياتٍ من سورة النساء.ويعود تاريخ مخطوطة المصحف الأزرق وهو نسخة من القرآن الكريم، إلى الفترة بين عامي 800 إلى 900م، وهو معروف بصفحاته الزرقاء الزاهية أو النيلية، وخطه الكوفي الذهبي وزخارفه الفضية، فيما يعتبر النص بالخط الكوفي صعب القراءة اليوم؛ لأنه يستخدم الحروف العربية دون النقاط أو علامات التشكيل. كان المصحف في الأصل يضم 600 صفحة مصنوعة من جلد الغنم. ومنذ بدايات القرن العشرين، اقترح العلماء شمال أفريقيا والعراق والأندلس كأماكن محتملة لإنتاجه. اليوم لم يبق منه سوى 100 صفحة محفوظة في مجموعات خاصة ومتاحف حول العالم، وسيتم عرض خمس صفحات منها في متحف زايد الوطني.استخدم الفريق تقنية التصوير متعدد الأطياف، وهي تقنية تتيح إظهار النصوص والصور التي تلاشت مع مرور الزمن، ولم تعد مرئية للعين المجردة. تجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية أظهرت آياتٍ قرآنية من سورة النساء. ويتوقع أن تكون الزخرفة قد أضيفت في هذه الحالة، لإخفاء خطأ شخصي ارتكبه الخطاط خلال عملية النسخ، أو ربما قام دون قصد بتكرار نسخ الصفحة ذاتها مرتين، وبما أن تكلفة إنتاج المخطوطات كانت باهظة للغاية، مما يجعل إعادة العمل على نسخة جديدة من جلد الغنم المصبوغ باللون النيلي أمراً صعباً لذلك اُستُخدِمت أنماط زخرفية متداخلة لتغطية النص. وتأتي هذه الإجراءات نتيجةً لقرارات اتخذها الخطاطون، وتكشف عن جانب لم يسلط عليه الضوء سابقاً في المصحف الأزرق، وهو جانب نادر الظهور في المخطوطات الإسلامية العائدة لتلك الحقبة الزمنية.سيعرض متحف زايد الوطني هذه الصفحة من صفحات المصحف الأزرق في صالة عرض "ضمن روابطنا"، والتي تستعرض الآفاق الواسعة التي تمتّع بها شعب الإمارات قديماً والأثر الذي تركته ابتكاراته والمواد والمعارف، والتي بلغت أوجها مع تطور اللغة العربية وانتشار الإسلام. يحتفي متحف زايد الوطني الذي سيتم افتتاحه قريباً بتاريخ الدولة العريق وثقافتها وقصصها الملهمة منذ العصور القديمة حتى العصر الحديث، كما يسرد المتحف أيضاً سيرة الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي لا يزال قدوةً ومثلاً أعلى تسير على خطاه دولة الإمارات وشعبها حتى يومنا هذا.وفي هذا السياق، قالت مي المنصوري، أمين متحف معاون، متحف زايد الوطني: "يسلط البرنامج البحثي الرائد لمتحف زايد الوطني حول المصحف الأزرق الضوء على أصول وإنتاج هذه المخطوطة الهامة، ويؤكد على دور المتحف في الحياة الثقافية والأكاديمية في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها. ونؤكد أنّ برامج المتحف البحثية تُشكّل جزءاً أساسياً من مهمتنا التي تهدف إلى توسيع فهمنا للماضي وشعوبه وثقافاته، وما تقوم به فرقنا من اكتشافات حول تراث دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة بشكل أوسع، تسهم بشكل كبير في تطوير فهمنا لكيفية انتشار الأفكار عبر الثقافات، وتبرز دورها التاريخي كمركز للتواصل والتبادل الثقافي، وتوضح مساهمتها في تدفق الأفكار والفنون والمعرفة بين الحضارات".من جانبها، قالت نور الإيمان بنت رسلي، أمين المخطوطات الإسلامية، متحف زايد الوطني: "يُعتقد أنّ هناك نسخة واحدة فقط من المصحف الأزرق، وقد شغلت صفحاته المعروفة والتي يبلغ عددها حوالي 100 صفحة، اهتمام العلماء لعقود طويلة. لقد ساعدت التكنولوجيا المتقدمة التي تم استخدامها في تسليط الضوء على هذه الصفحة من المخطوطة، مما ساعد على توفير رؤى جديدة حول كيفية إنتاج هذه النسخة النادرة من المصحف الأزرق. إنه لشرف كبير لي أن أكون جزءاً من هذا البحث الهام حول واحدة من أهم المخطوطات في العالم في متحف زايد الوطني."ويسعى متحف زايد الوطني إلى ترسيخ مكانته كمؤسسة بحثية عالمية المستوى، ومرجعاً موثوقاً حول تاريخ وثقافة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ الماضي القديم وحتى يومنا الحاضر، وذلك من خلال إجراء البحوث المستقلة وبناء الشراكات مع الباحثين من الأفراد والمؤسسات محليا وعالميا، وتسهيل الوصول إلى مجموعة مقتنياته المتنوعة والمتنامية دعما للبحوث الفردية والمشاريع القائمة على المعرفة.