رغم تعدد أسفاري إلى عشرات البلدان والمدن حول العالم، تبقى ذكريات زياراتي لسلطنة عمان، خصوصاً مسقط التاريخ والحضارة، تحمل طابعاً مختلفاً وخاصاً جداً، حيث تتملكني روح المكان وطيبة ساكنيه، الذين يشعرون الزائر بأنه واحد منهم، فتتسرب تلك الابتسامات الجميلة إلى الروح قبل العين.الاشتياق إلى مسقط هو اشتياق إلى القلب النابض في السلطنة، إلى مدينة تجمع عبق التاريخ وهدوء الطبيعة. وهي المدينة التي تعانق الجبال وتُطلّ على بحرٍ لا ينتهي، وتفوح من أسواقها روائح اللبان والمسك والعنبر.لم أكن في يوم من الأيام أنظر إلى مسقط كمجرد مدينة سياحية أو تاريخية؛ بل شعور دافئ يغمرك كلما مررت بأزقتها القديمة في مطرح، حيث تختلط أصوات المراكب بأحاديث البحارة والتجار في سوقها العريق. مسقط؛ لحظات الغروب خيالية حين تلتقي ألوان السماء مع زرقة البحر في لوحة لا يقدر الزمن على محوها.أن تشتاق إلى مسقط يعني أن تشتاق إلى كرم أهلها، إلى بساطتهم وابتساماتهم التي تحيي فيك الألفة مهما كنت غريباً، ونحن لسنا بغرباء في وطننا، هو الحنين إلى قلاعها الشامخة التي تسرد حكايات التاريخ والحضارة، وما سطره أبناؤها من تضحيات وفداء للوطن.مسقط هي العودة إلى ذلك الشعور بالسكينة الذي تجده عند السير على شاطئ القرم، حيث يهمس البحر بأسرار الزمن ويعانق الرمال وكأنه يرحب بكل خطوات العابرين. في مسقط، كل زاوية تروي حكاية: من أضواء جامع السلطان قابوس الأكبر التي تنير الليل كمنارة للروح، إلى هدوء البيوت البيضاء التي تحتضنها الجبال كأم تضم أبناءها بحنان.في مسقط، تتذوق البساطة في قهوة عربية تفوح برائحة الهيل، وتتذوق عراقة الماضي في مأكولات تقليدية مثل القبولي والشواء، وكأن كل لقمة تحمل في طياتها قصصاً من الأجداد. هي المدينة التي تمنحك الإحساس بأنك تنتمي إليها، حتى وإن كنت زائراً عابراً.والاشتياق إلى مسقط ليس فقط لأماكنها، بل أيضاً لذلك الإحساس بالهدوء والسلام الذي يغمر النفس بمجرد ذكر اسمها. هي واحة تهرب إليها الأفكار عندما يثقلها ضجيج العالم. هي الرفيق الذي لا يخذلك، والصديق الذي لا يتغير، مهما طال الفراق.فحين تعود إلى مسقط، ستجدها كما تركتها، لكنك ستجد نفسك أكثر قرباً من جمالها، وأكثر تقديراً لتفاصيلها التي لمست قلبك أول مرة. مسقط؛، كأنها وعد دائم بالسلام والجمال، فالعودة إلى مسقط ليست مجرد زيارة، بل لقاء مع قطعة من الروح.كل عام وحضرة صاحب الجلالة سلطان عمان، والسلطنة، وأهلها بألف خير.