أكد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون البيئة بالمملكة العربية السعودية ومستشار رئاسة «كوب 16» الرياض د. أسامة فقيها، أن مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «COP16»، الذي تستضيفه الرياض غداً، يهيئ الفرصة أمام مملكة البحرين للاستفادة من الحلول والمبادرات الإقليمية التي سيتم طرحها، ما يعزّز أمنها البيئي، ويضمن استدامة مواردها الطبيعية للأجيال القادمة.
وأضاف في حوار خاص مع «الوطن»، أن مشاركة البحرين في المؤتمر، تمثّل فرصة ثمينة لها للتوصل إلى شراكات استراتيجية لتطوير حلول محلية لمعالجة تحديات تدهور الأراضي وشح الموارد المائية، موضحاً أنه يُعدّ فرصة مواتية لها لتعزيز حضورها في المشهد الإقليمي والدولي في مجال الاستدامة البيئية.
وأشار فقيها، إلى أن «COP16» الرياض يُعدّ حدثاً استثنائياً ولحظة محورية على المستوى العالمي لعدة أسباب؛ فهو يمثّل فرصة لإعادة ضبط المسار الحالي لتدهور الأراضي، وتشكيل عالم تدعم فيه الأرض الأجيال القادمة، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هذا الحدث سيُسهم في تعزيز مكانة السعودية كحلقة وصل بين الدول النامية والمتقدمة لمواجهة تدهور الأراضي والتصحر. وشدّد وكيل الوزارة لشؤون البيئة ومستشار رئاسة «كوب 16» الرياض، على أن المؤتمر فرصة لتعزيز فهم العالم لتحديات تدهور الأراضي والتصحر والجفاف، لا سيما وأننا نتوقع تقديم دراسات وتقارير من جهات بحثية عالمية مرموقة تسلط الضوء على الأثر المدمر لهذه الظواهر. وفيما يأتي نص الحوار:
ما الذي يجعل «COP16» الرياض حدثاً استثنائياً عالمياً؟ وكيف تعكس استضافة السعودية للحدث التزامها بقضايا تدهور الأراضي؟
- «COP16» الرياض يُعدّ حدثاً استثنائياً ولحظة محورية على المستوى العالمي لعدة أسباب؛ فهو يمثل فرصة لإعادة ضبط المسار الحالي لتدهور الأراضي، وتشكيل عالم تدعم فيه الأرض الأجيال القادمة، كما أنه أقوى نداء عالمي على الإطلاق للعمل من أجل اتخاذ موقف استباقي للتخفيف من التأثير المستمر للجفاف وتدهور الأراضي والتصحر.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عقد هذا المؤتمر في منطقتنا، ويُعدّ أكبر حدث أممي تستضيفه المملكة. ولإتاحة المجال أمام مشاركة كافة الفئات وإكسابه طابعاً جماهيرياً عاماً، فقد استحدثنا المنطقة الخضراء التي تتيح لكافة الشرائح طرح رؤاها ومشاريعها وأفكارها، إلى جانب نشر التوعية بين الجميع إزاء هذه القضايا.
وينطلق المؤتمر من أهداف طموحة يسعى لتحقيقها، وفي طليعتها تعزيز التعاون الدولي لمواجهة تحديات التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، والبحث عن حلول مبتكرة ومستدامة لمواجهتها.
ويركز المؤتمر أيضاً، على تفعيل الالتزامات التي تم الإعلان عنها في الدورات السابقة، وتحديداً إعادة تأهيل 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول العام 2030.
ويعتبر تحقيق هذا الهدف ضرورة ملحة للحد من أثار تدهور الأراضي والتصحر على البيئة والأمن المائي والغذائي والتغير المناخي، مع مراعاة خصوصيات المناطق الأكثر تأثراً بهذه التحديات، مثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء الأفريقية.
ويأتي تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي الخاص والمجتمع المدني ضمن الأهداف الرئيسة للمؤتمر، لنجعل منه منصة شاملة للتأثير الإيجابي على المستويين الإقليمي والعالمي. كما تأتي استضافتنا للمؤتمر انعكاساً لالتزام المملكة الراسخ بهذه القضايا، ودورها الرائد إقليمياً ودولياً.
فمنذ إطلاق رؤية السعودية 2030، وضعت المملكة قضايا الاستدامة البيئية ضمن أهم أولوياتها من خلال تبني المملكة للاستراتيجية الوطنية للبيئة وتأسيسها لصندوق للبيئة وخمسة مراكز بيئية متخصصة وإطلاق مبادرات عملاقة مثل «مبادرة السعودية الخضراء» و«مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» والمبادرات العالمية تحت مظلة مجموعة العشرين.
وبالتالي، فإن دعوة العالم للمشاركة في هذا الحدث، تمثّل امتداداً لاهتمام المملكة بحماية البيئة ودورها الرائد على الصعيدين الإقليمي والدولي وخطوة استراتيجية لتسليط الضوء على التحديات والآثار الناجمة عن تدهور الأراضي والجفاف على العالم بأجمعه.
وعلاوة على كل ما ذكر، سيُسهم الحدث في تعزيز مكانة المملكة كحلقة وصل بين الدول النامية والمتقدمة لمواجهة تدهور الأراضي والتصحر وآثاره، وتوجيه الحوار نحو إيجاد حلول عملية وشاملة لتدهور الأراضي والجفاف، وتفعيل أدوار كافة الأطراف ، لتمكين الدول الأكثر تأثراً من مواجهة هذه التحديات، لنجعل من « COP16» الرياض نموذجاً رائداً للالتزام العالمي في مواجهة هذه الأزمة الملحّة.
ما هي القضايا البيئية الأكثر إلحاحاً التي ستُطرح على طاولة النقاش؟
- القضايا البيئية والاجتماعية الأكثر إلحاحاً التي ستُطرح على طاولة النقاش تشمل التحديات المتعلّقة بالتصحر وتدهور الأراضي والجفاف، لأنها تُشكّل تهديدات جسيمة للمجتمعات حول العالم، وخاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.
كما سيتم تناول هذه القضايا وتأثيراتها على الأنظمة البيئية والزراعية والأمن الغذائي والمائي واستقرار الشعوب، وسبل العيش في المجتمعات الفقيرة والريفية. وبالتالي، سيحظى الجانب الاجتماعي باهتمام كبير، من خلال التركيز على دور المجتمعات المحلية، وتمكين الفئات الأكثر تأثراً، مثل النساء والشباب، من القيام بدور محوري في إيجاد الحلول.
وخصّص المؤتمر محاور وجلسات تركز على البحث والابتكار والتمويل ودور القطاع الخاص والإدارة المستدامة للأراضي وتقنيات الزراعة المستدامة والإدارة المستدامة لمصادر المياه ودور المجتمعات والمؤسسات غير الربحية وغيرها من المحاور، حيث سيتم تنظيم مئات الندوات وتقديم أوراق بحثية وعروض من الخبراء والمتخصصين، إلى جانب استعراض المبادرات الناجحة عالمياً وتبادل الخبرات والتجارب لمعالجة هذه القضايا.
وستقوم أطراف عديدة بعرض تقنيات حديثة تساعد على تعزيز القدرات للتصدي لهذه الظواهر، مثل الحلول القائمة على الطبيعة ومشاريع إعادة التشجير بطرق مستدامة. وستتضمن الجلسات نقاشات معمقة حول السياسات الواجب اتباعها لتقليل آثار هذه الظواهر، وتشجيع التعاون بين الدول لتوفير الموارد اللازمة.
بالإضافة إلى ذلك، سيشهد المؤتمر تنظيم ورش عمل وجلسات تفاعلية تجمع بين صناع القرار وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني، مع التركيز على استعراض التحديات ووضع استراتيجيات متخصصة لدعم المجتمعات التي تعاني من هذه الأزمات. ويتمثل الهدف النهائي في تحويل المناقشات إلى خطط عمل ملموسة، تدعمها التزامات مالية وتقنية طويلة الأمد، وصولاً إلى تحقيق أثر إيجابي مستدام على المستويين الإقليمي والدولي.
ما هي الرسائل التي تأملون إيصالها من خلال المؤتمر؟ وكيف سينعكس إيجاباً على المنطقة عموماً، والبحرين تحديداً؟
- تسعى المملكة إلى إيصال رسائل أساسية للعالم بشأن التحديات الجسيمة المرتبطة بتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، مع التأكيد على أنها ليست مجرد قضايا تؤثر على مناطق ودول دون غيرها، بل إنها تهديدات تطال مباشرة الأمن الغذائي والمائي والتنمية الاقتصادية للعالم بأسره، خصوصاً في المناطق الجافة وشبه الجافة مثل منطقة الشرق الأوسط.
وتتطلع من خلال استضافتها للمؤتمر إلى تحفيز كافة الأطراف لتقديم نماذج عملية وحلول شاملة ومستدامة لمواجهتها، مع التركيز على مسألة مهمة للغاية، وهي أن الأزمة تتطلب تعاوناً إقليمياً ودولياً لتحقيق النتائج المنشودة، وأنه لا يمكن لأي طرف بلوغ هذه الغاية مهما امتلك من أدوات ومقدّرات.
وستؤكد المملكة على التزامها بالتصدي لهذه الظواهر، وتقديم دراسات الحالة الاستثنائية التي شرعت بتطبيقها، ومن أبرزها «مبادرة السعودية الخضراء» التي تهدف إلى استعادة الأراضي المتدهورة وزيادة المساحات الخضراء بطريقة تدعم البيئة والاقتصاد في آنٍ واحد، مع استعدادها التام لتوفير خبراتها والتعاون مع دول المنطقة والعالم.
وسيكون المؤتمر، فرصة لتعزيز فهم العالم لتحديات تدهور الأراضي والتصحر والجفاف، لا سيما وأننا نتوقع تقديم دراسات وتقارير من جهات بحثية عالمية مرموقة تسلط الضوء على الأثر المدمر لهذه الظواهر، خصوصاً في الشرق الأوسط، لدورها الفادح في فقدان التنوع البيولوجي وتراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع وتيرة الهجرة القسرية.
وستكون هناك جلسات تخصّصية، ستتناول الحلول العملية لمواجهة هذه التحديات، مثل إعادة تأهيل الأراضي، وتطوير تقنيات مبتكرة في الري، وزراعة النباتات المقاومة للجفاف. وسيسلط المؤتمر الضوء على ضرورة تطوير سياسات تنموية تأخذ في الاعتبار احتياجات المناطق المتضررة وتعزز استدامتها.وسيكون المؤتمر، مفيداً للعالم عموماً وللمنطقة خصوصاً.
وعلى مستوى مملكة البحرين، سيتيح المؤتمر للمؤسسات المعنية فيها الاستفادة من الحلول والمبادرات الإقليمية التي سيتم طرحها، مثل تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتقليل تأثيرات الجفاف على الأراضي الزراعية.
وبالتالي، ستتمكن البحرين من تعزيز قدراتها على التصدي لتدهور الأراضي من خلال المشاركة في المشاريع المشتركة التي تدعم استدامة الأراضي والموارد المائية. ومن شأن هذا التعاون الإقليمي أن يعزز الأمن البيئي في البحرين، ويضمن استدامة مواردها الطبيعية للأجيال القادمة.
ما هي الفوائد التي يمكن أن تجنيها السعودية من تنظيم هذا الحدث؟ وأيضاً الفرص المتوقعة للمنطقة وللبحرين؟
- من المؤكد أن تنظيم المملكة لمؤتمر الأطراف «COP16» الرياض، سيحقق العديد من الفوائد على الصعيدين المحلي والدولي. فعلى المستوى المحلي يعزّز هذا الحدث مكانة المملكة كدولة رائدة في التصدي لتحديات تدهور الأراضي والتصحر والجفاف، كما يدعم رؤيتها الطموحة لتحقيق التنمية المستدامة. ويوفر المؤتمر منصة لعرض مبادرات المملكة، مثل «مبادرة السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ما يسهم في جذب الاستثمارات الدولية وتبادل التقنيات الحديثة المتعلقة باستعادة خصوبة الأراضي وإدارة الموارد الطبيعية.
إضافة إلى ذلك، يُظهر تنظيم المؤتمر قدرة المملكة على استضافة فعاليات عالمية كبرى، وبالتالي تعزيز مكانتها الدولية، وزيادة ثقة المجتمع الدولي بمساهماتها الإيجابية.
أما على مستوى المنطقة، فإن نتائج المؤتمر ستنعكس بشكل إيجابي على دول الشرق الأوسط عامةً، وذلك من خلال تعزيز التعاون الإقليمي، وتطوير استراتيجيات مشتركة لمعالجة القضايا البيئية الحرجة.
ويمكن للمنطقة أن تستفيد من المبادرات والتوصيات التي ستصدر عن القمة، خاصة وأنها ستشتمل على حلول عملية لتحسين استدامة الأراضي وإعادة تأهيلها، ما يعزز الأمن الغذائي والمائي في المنطقة. ومن جهة أخرى، سيؤدي التركيز على الابتكارات التقنية، وتبادل الخبرات بين الدول، إلى تعزيز القدرات المؤسسية والتكنولوجية لدول المنطقة في مواجهة هذه التحديات.
وتمثّل مشاركة البحرين، فرصة ثمينة لها للاستفادة من الخبرات والمبادرات التي ستُطرح خلال المؤتمر، إلى جانب التوصل إلى الشراكات الاستراتيجية لتطوير حلول محلية لمعالجة تحديات تدهور الأراضي وشح الموارد المائية.
كما يتيح المؤتمر لها فرصة تعزيز حضورها في المشهد الإقليمي والدولي في مجال الاستدامة البيئية، بالإضافة إلى إمكانية الاستفادة من الدعم الفني للمشاريع البيئية التي ستنبثق عن المؤتمر. وبما أن الحدث يشجع على التعاون الإقليمي والعالمي، سيقدم لها فرصة لدعم استدامتها البيئة، ومن ثم تعزيز اقتصادها على المدى الطويل.
هل هناك مبادرات محدّدة سيتم الإعلان عنها خلال المؤتمر؟
- من أهم الأهداف التي تسعى إليها مؤتمرات الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عموماً تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال، لا سيما وأن كل دورة منها توفر منصة تجمع الحكومات والمنظمات الدولية والخبراء وصناع القرار من جميع أنحاء العالم.
ونعتقد أن استضافة المؤتمر على أرض المملكة سيوفر فرصة لدولنا في المنطقة لتبادل الخبرات والمعارف مع الدول والمؤسسات الأكاديمية والبحثية التي ستقدم آخر ما توصلت إليها من نجاحات. ويتطلب الأمر منا كدول تعد من الأكثر تأثراً بتدهور الأراضي والجفاف تنسيق جهودنا لمعالجة القضايا البيئية المشتركة.
وسيبرز المؤتمر أهمية التعاون الإقليمي من خلال إطلاق شراكات ومشاريع تهدف إلى استعادة الأراضي المتدهورة، وتحسين إدارة الموارد الطبيعية، وتطوير سياسات زراعية ومائية مستدامة. وتفخر المملكة بريادتها في هذا المجال من خلال التعاون على المستوى الثنائي مع العديد من الدول، وطرحها مبادرات استباقية كثيرة يعود نفعها على دول المنطقة والبشرية جمعاء.
وكما جرت العادة في الدورات السابقة، سيشهد المؤتمر الإعلان عن مبادرات رائدة تعزز هذا التعاون، بما في ذلك المشاريع المشتركة لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وزيادة الغطاء النباتي من خلال زراعة أشجار قادرة على التكيف مع الظروف البيئية في المنطقة، وبرامج تمويل لدعم الدول المتأثرة بشدة من التصحر والجفاف.
وتركز المبادرات بمجملها على دعم البحث والتطوير في مجالات الزراعة المستدامة، والتشجيع على استخدام التقنيات الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة لمراقبة الأراضي وإدارتها.
وبما أننا نؤمن أن التعاون ليس خياراً، بل ضرورة حتمية لتحقيق تأثير إيجابي مستدام، نأمل أن يسهم هذا الحدث في وضع إطار عمل لتعزيز التعاون المستمر بين الدول لمواجهة هذه التحديات، وتوفير منصات لتبادل البيانات والتقارير الدورية عن حالة الأراضي والموارد الطبيعية، وصياغة خطط تنفيذية مشتركة تُعنى بتحقيق الأهداف التي قد تنقذ الأرض من التهديدات المحدقة.