انطلقت في يوليو الماضي وتحط الرحال نهاية العام الجاري 2024 بمنظومة متكاملة من الأنشطة والفعاليات.. حيث استطاعت الحملة الوطنية التوعوية لحماية الأطفال من الاستغلال والابتزاز الإلكتروني أن تسجل حضوراً مجتمعياً فاعلاً في ظل حالة التنسيق العام التي سادت بين الجهات المعنية مادام الهدف واحداً وهو حماية الأطفال من أحد المخاطر التي أصبحت ظاهرة عامة في التعامل مع الفضاء الإلكتروني. ففي ظل الظروف التي يزيد فيها تعامل الأطفال مع الشبكة العنكبوتية من خلال الألعاب الإلكترونية بمختلف أنواعها، نجد زيادة في معدل الخطر والعواقب التي تهدد أطفالنا، مما يؤثر على سلوكياتهم وحتى مهاراتهم الإدراكية.
وحيث إن حماية الأطفال، مسؤولية الجميع، ومراقبتهم في الوقت ذاته، جزء لا يتجزأ من مهام المجتمع فقد جاءت الحملة الوطنية التوعوية لحماية الأطفال بسلسلة من المبادرات بالتعاون والتنسيق بين الجهات المشاركة، بهدف تعزيز الوعي العام بأهمية حماية الأطفال وضمان حقوقهم ومعيشتهم في بيئة آمنة وصحية.
وفي هذا السياق، أكدت رئيس وحدة حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني بالإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني الرائد مهندس فوز علي، أن الوحدة تقوم بالعديد من الأدوار لتحقيق أقصى حماية ممكنة قبل وقوع الطفل ضحية للاستغلال والابتزاز الإلكتروني عبر المحادثات الكتابية والصوتية التي تحدث خلال انخراطهم بألعاب الفيديو أو الألعاب الإلكترونية.
وأضافت أنه يتم توعية الطفل من خلال مناهج مصممة لطلبة المدارس، بالإضافة إلى المحاضرات الجانبية، والمشاركة في المعارض وتوزيع المنشورات التوعوية، بالإضافة إلى التركيز على رفع مستوى الوعي والثقافة الرقمية لدى أولياء الأمور ومقدمي الرعاية بمختلف أدوارهم في المجتمع حول مخاطر المحادثات التي تتم أثناء لعب الطفل بهذه الألعاب الإلكترونية وتدريبهم على طريقة تفعيل بعض الإعدادات لضبط السلوك الرقمي.
وأوضحت أن المحادثات هي باب لوصول ضعاف النفوس والمجرمين إلى الطفل واستغلاله جنسياً بهدف الربح المادي، الأمر الذي يؤثر على سلوكه تدريجياً، وينطوي على نفسه ويصبح منبوذاً في الحياة الاجتماعية، ويتدهور تحصيله العلمي، وبالتالي تتغير ميوله ورغباته في الحياة.
ورداً على سؤال بشأن إمكانية تفادي تلك الأمور، أشارت إلى الدور الذي تقوم به الوحدة في رصد ودراسة الظواهر الاجتماعية من خلال العمل الميداني ومواجهة الجمهور من كافة الفئات العمرية والمستويات الاجتماعية، من خلال المحاضرات التي تقدمها لمؤسسات المجتمع المدني والمدارس وغيرها، وكذلك الرصد الإلكتروني الذي يحدد مدى الإقبال على البرمجيات والألعاب الإلكترونية وغيرها، والثغرات الذي يستغلها المجرم للإيقاع بضحيته. بالإضافة إلى البلاغات المحلية والدولية التي تتلقاها الوحدة بكافة قنواتها، وقواعد البيانات الدولية التي عملت عليها الوحدة للحصول عليها لتعينها في عمليات البحث والتحري والتعقب لتحديد الجناة وحتى الضحايا المجهولين.
وبدوره، أكد مدير برنامج مكافحة العنف والإدمان «معاً» والذي يُعدّ أحد مبادرات الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة «بحريننا»، علي أميني، على الاستمرار في إعداد مناهج دراسية توعوية تختص بتعليم طلبة جميع المراحل الدراسية بأهم وسائل الحماية الشخصية عند ممارستهم للألعاب الإلكترونية وماهيّة المعلومات التي يمكن مشاركتها مع الآخرين وما يجب الامتناع عنها، كما تشمل المناهج آليات تجنّب محادثة الغرباء وطرق الإبلاغ الآمن والأشخاص الذين يجب اللجوء إليهم في حال التعرّض لأي من تلك المخاطر من خلال التدريب على نموذج معاً لاتخاذ القرار، لافتاً إلى تفعيل دور أولياء الأمور من خلال الأنشطة المنزلية التي يتشاركون فيها مع الأبناء في التعرّف على آليات الحماية والوقاية ومخاطر الألعاب الإلكترونية والرقمية.
وأضاف أميني، أن البحرين من أوائل الدول التي لها منهج متكامل لحماية الطلبة في الفضاء السيبراني يتم تدريسه في المدارس بشكل مستمر لجميع الطلبة عن طريق شرطة خدمة المجتمع وضمن برنامج «معاً»، منوهاً إلى أن المناهج، أثبتت فاعليتها من خلال البحوث العلمية حسب المعايير والاشتراطات الدقيقة، بالإضافة إلى تحقيقها أعلى المستويات باستخدام مجموعة من الآليات والأدوات مثل إعداد الفيديوهات التوعوية والقصيرة وتفعيلها في مواقع الإنترنت وتصميم كاريكاتير خاص بذلك، وإعداد ألعاب إلكترونية ورقمية مستوحاة من أهداف المنهج تحاكي الواقع الافتراضي الذي يساعد الطالب في التعرّف على المواقف الخطرة وتعلّم كيفية التصرف في تلك المواقف، كما تم إعداد معرض «معاً» للتوعية الأمنية والمعرض الافتراضي والتطبيق الإلكتروني والقصص المصورة «Comic».
وأشار إلى أنه سيتم العمل على تنفيذ حملة توعوية شاملة بالتعاون والشراكة المجتمعية مع العديد من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، تتضمّن دورات تدريبية للأشخاص المعنيين والتنسيق مع المحافظات لتقديم ورش عمل في مجالس المحافظات تستهدف أولياء الأمور وأفراد المجتمع، بالإضافة إلى العمل مع الجمعيات الخيرية والأهلية والأندية الرياضية والثقافية والاجتماعية.من جهتها، أكدت رئيس مجموعة الإرشاد النفسي بوزارة التربية والتعليم مي العازمي على التعاون المثمر والفعّال بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الداخلية في توعية المجتمع من مخاطر وقوع الأطفال ضحيةً للاستغلال والابتزاز الإلكتروني، وعلى أساسها يتم عقد جلسات تشاورية لوضع خطط لحماية الأطفال وتقديم الدعم النفسي.
وأشارت إلى دور وزارة التربية والتعليم في توعية الطلبة من خلال المناهج الدراسية والأنشطة الطلابية الصفية واللاصفية المتمثلة في المحاضرات والورش التدريبية التي تتناسب مع حاجات الطلبة في التوعية والتثقيف، وبناءً على ذلك خصّصت وزارة التربية والتعليم مشروع «التمكين الرقمي» والذي يقوم بتدريب الطلبة والمعلمين والمختصين في مجال تقنية المعلومات بأمثل الاستراتيجيات وأبرز الحلول من أخطار التكنولوجيا.
وأضافت العازمي، أن الوزارة قامت بتنفيذ برنامج فضاء آمن لجميع منتسبي إدارة المدرسة والذي يتضمن محاضرات توعوية وإرشادية لطلبة المدارس في الوقاية من الابتزاز والاستغلال الإلكتروني، كما تم إعداد حقيبة إرشادية لتعزيز دور اختصاص الإرشاد الاجتماعي، بحيث يتم التدريب على إتقان المهارات الأساسية في الإرشاد النفسي مما ينعكس إيجاباً على تكيّف الطالب نفسياً وتعليمياً واجتماعياً في المدرسة ومجتمعه المحلي، لاسيما استقبال الحالات المحولة من المدارس وإدارات المناطق التعليمية والتعامل معها كحالات خاصة وتقديم الدعم النفسي والتربوي المناسب لها.
وأبدى عدد من أولياء الأمور تفاعلهم مع الحملة الوطنية التوعوية لحماية الأطفال، التي تُعدّ مصدراً للوعي بمخاطر الإنترنت، وخاصة المحادثات عبر الألعاب الإلكترونية، منوهين إلى أن الحملة، وفّرت المعلومات والإرشادات الواجب الالتزام بها في سبيل حماية الأبناء.وأشاروا إلى أنه في الفترة الأخيرة لوحظ أن الأطفال اكتسبوا سلوكيات خاطئة وعبارات أجنبية لا تتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا في المجتمع البحريني، ومن أجل حمايتهم، لفت عدد منهم إلى أهمية مراقبة الأبناء عند استخدامهم للأجهزة الإلكترونية والمتابعة الدورية باستمرار والتأكد من التطبيقات المحمّلة، بالإضافة إلى ضرورة ربط جهاز الطفل مع أجهزة والديه، وتحديد الوقت المناسب للاستخدام