هذا رأي أطرحه مجدداً باعتبار أن المرحلة الحالية التي تعيشها المنطقة، ونعيشها نحن أيضاً، تفرض مزيداً من التحديدات المستقبلية التي هدفها "ديمومة" الاستقرار والتركيز على التطوير وتحسين الأوضاع.

هي معادلة ثلاثية، بتحققها يمكن للأوطان أن تتطور، وللشعوب بأن تهنأ وتعيش بتفاؤل، ولا يمكن عزل أي عنصر من عناصر المعادلة عن الآخر، بل هي متوالية أقرب منها كمعادلة، فيها أساس قوي يفترض أن يترسخ، وتبنى عليه أسس ثانية، تخرج منها أفرع مؤثرة، ترسم مستقبلاً أفضل للجميع.

أول أسس المعادلة يتمثل بالاستقرار السياسي، إذ أي دولة تسعى لمواجهة التحديات والحفاظ على كيانها وشعبها، لابد وأن تعمل جاهدة لضمان استقرارها سياسياً؛ لأنه بدون هذا العامل الأساسي، تتحول الدول إلى "بؤرة توتر" وتسودها الاضطرابات، وتطغى فيها الصراعات السياسية على حساب حياة البشر وتنمية المجتمع ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

أي دولة لا تملك استقراراً سياسياً لا يمكنها أن تعمل لأجل المستقبل، بل ستكون متخلفة عن الركب العالمي في شأن مواكبة التطورات، ولربما تحكم على نفسها بالانهيار ككيان، فتطغى الصراعات السياسية ومحاولة تغليب صوت التحزبات على مصلحة الفرد والمجتمع. وهنا لدينا أمثلة متعددة على كيانات بسبب انعدام هذا الاستقرار تحولت لكيانات مفككة وتضيع بالتالي فيها مصلحة الوطن بأكمله.

وأساس ثانٍ لا يقل أهمية، متمثل بالاستقرار الأمني، وحماية الناس وممتلكاتهم وتأمين سلامتهم والتصدي لكل محاولات التخريب والإرهاب والعبث بمقدرات الأمن الوطني.

هنا القاعدة تقول: الأمن ثم الأمن ثم الأمن، فبدون أمن وإرساء لمقوماته ودعائمه لا تقوم الدول، ولا تنضبط الشعوب، بالأخص تلك الفئات التي تنبذ التمثل بالقوانين واللوائح المنظمة للمجتمع، وتحاول في المقابل أن تفرض قانونها الخاص، وأن تخلق دولة داخل دولة، وأن تبيح الفوضى وكسر أنظمة الدولة، وتحمي الإرهابيين وتحفزهم وتحرضهم. كل هذه الممارسات الفوضوية إن لم يكن لها تعامل حازم قانوني صارم من قبل المعنيين بتطبيق الأمن، فحال البلد سيتحول كما الغابة التي يعيث فيها الخارج على القانون الدمار والإجرام.

ويأتي الأساس الثالث من المعادلة، إذ لابد من العمل بقوة على تأمين الاستقرار الاقتصادي، بحيث لا تكون التحديات الاقتصادية عائقاً أمام مسيرة التنمية، مع وجوب تجاوزها لتحقيق صالح المواطن.

نعم هناك تحديات، لكن في المقابل هناك استراتيجيات تعامل وخطط لتجاوز المعيقات، وقد تتم تجربة أساليب يتضح أنه بالإمكان إيجاد أساليب أفضل وأكثر فاعلية، لكن شريطة ألا تمس مكتسبات الناس أو تضيق عليهم، وهنا يبرز دور العقول النيرة والطاقات المخلصة للنجاح في هذا التحدي.

تمر جميع الدول في أزمات وتواجه تحديات وصعوبات، والنجاح في تجاوز ذلك يتطلب جهوداً جبارة، جهوداً تدرك بأن العملية صعبة لكن ليست مستحيلة، وهي عملية تستوجب الحرص أشد الحرص خلال تطبيقها أن تحافظ على مكتسبات الناس وأن تحقق لهم المزيد، وأن تتجنب إقلاقهم من المستقبل أو تدفعهم للتوجس من القادم.

استقرار سياسي، واستقرار أمني، وأخيراً استقرار اقتصادي. هي باختصار المعادلة التي تتمناها كل دولة، لأن نتائجها ستكون ممثلة بالاستقرار والإنجازات وراحة الشعوب وديمومة العمل الناجح.

وسط كل التحديات حولنا، ندعو الله أن يحفظ بلادنا وقيادتها وشعبها، وأن يكتب لها الخير ويوفق الجميع لما فيه صالح هذه الأرض وشعبها الذي يستحق كل الخير والسعادة.