في الجلسة الختامية لحوار المنامة 2024..

أكد وزير الخارجية د.عبداللطيف الزياني، أهمية التعاون الاستراتيجي بين الشركاء من دول الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم لتعزيز الأمن والازدهار لشعوب المنطقة في مواجهة العديد من النكسات والتحديات والصراعات التي تواجه المنطقة. وقال إن التعاون الاستراتيجي في العالم العربي على مدى العقود الأخيرة تجلى في أشكال مختلفة، بما في ذلك تأسيس جامعة الدول العربية في عام 1945 ومجلس التعاون لدول الخليج العربية قبل أكثر من أربعين عاماً، إلى جانب العديد من الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف التي تتناول الدفاع والأمن والتجارة والاستثمار.

جاء ذلك خلال الجلسة الختامية لمنتدى حوار المنامة، بعنوان "إلى أين يتجه التعاون الاستراتيجي الإقليمي"، بمشاركة وزير الشؤون الخارجية في جمهورية الهند د.سوبرامنيام شانكار، ومستشار الأمن القومي في جمهورية التشيك توماس بوجار.

وأوضح وزير الخارجية أن الدول العربية انخرطت في الآونة الأخيرة، بشكل بنّاء مع الشركاء والوكالات الدولية مثل الأمم المتحدة لمعالجة القضايا الإقليمية الرئيسة، عبر تقديم المبادرات البارزة مبادرة السلام العربية 2002، ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتسوية الأزمة في اليمن، واتفاق مبادئ إبراهيم. مضيفاً أن الجهود الأكثر حداثة، هي تلك المبادرات التي اقترحتها مملكة البحرين في القمة العربية الثالثة والثلاثين "قمة البحرين" بصفتها الرئيس الحالي لجامعة الدول العربية، وتعاون المملكة العربية السعودية مع الاتحاد الأوروبي والنرويج من أجل تأسيس التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين.

وأشار إلى اتفاقية الأمن الشامل والازدهار المتكامل بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تسلّط الضوء على الدور الأساسي للتكامل الاقتصادي والأمن الجماعي في تعزيز الرخاء المشترك، بالإضافة إلى مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا الذي يهدف إلى دمج المنطقة في أطر اقتصادية وأمنية عالمية أوسع.

وأكد الزياني أن الدول العربية لا تركز فقط على التعاون الإقليمي؛ بل إنها تسعى بنشاط إلى وضع الشرق الأوسط في سياق عالمي أوسع، وهذا يعكس إجماعاً متزايداً بين قادة المنطقة على أن الاستقرار والازدهار المستدامين لا يعتمدان فقط على التدابير الأمنية الفورية ولكن أيضاً على التنمية والاحترام والترابط المتبادل.

وتحدث عن الدروس المستفادة من التاريخ لتوجيه مستقبل المنطقة وشعوبها، وقال إن القضية الفلسطينية تشكّل محوراً للسلام والاستقرار الإقليميين، مؤكداً أن إشراك الدول العربية في التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية أمر بالغ الأهمية، مشيراً إلى أن هناك الآن إجماعاً إقليمياً غير مسبوق على حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وينبغي للمجتمع الدولي أن يستفيد من المبادرات الجريئة للعديد من الدول العربية لتعزيز الحوار الهادف نحو حل شامل ومستدام.

ودعا الزياني إلى الاستفادة من الإمكانات الواسعة للتعاون الاستراتيجي في جميع أنحاء المنطقة، سواء من الناحية الجغرافية أو من حيث القضايا المعنية، لأن التحديات التي تواجه منطقتنا معقدة ومتعددة الأوجه، مطالباً أيضاً بتقدير دور الهياكل الإقليمية القائمة التي ساهمت بشكل إيجابي في السلام والاستقرار، وهي تلعب دوراً حاسم في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.

وقال إنه "إذا نظرنا إلى المستقبل، فيمكن للأمم المتحدة أن تعزّز التعاون مع الهيئات الإقليمية، ليس فقط لتعزيز السلام الدولي ولكن أيضاً لمتابعة الأهداف المشتركة"، مشيراً إلى إمكانية عقد اجتماع تنسيقي سنوي مع المنظمات الإقليمية تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة مما سوف يؤدي إلى تسهيل هذا التعاون، مع انسجام هذه الفكرة مع المناقشات الجارية حول إصلاح الأمم المتحدة، بهدف إضفاء الطابع المؤسسي على دور المنظمات الإقليمية، وتعزيز الملكية والتأثير المحلي، مع إمكانية تمكين مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشكل أكبر من خلال اشتراط أن تتضمن قراراته آليات تنفيذ واضحة وقابلة للتنفيذ، بما في ذلك تفاصيل حول كيفية مشاركة المنظمات الإقليمية في عملية التنفيذ.

وأضاف وزير الخارجية أن "مرونة الأطر أمر حيوي كما هو متمثل في اتفاقية الأمن الشامل والازدهار المتكامل، إذ يمكن للموقعين الأوائل توسيع تعاونهم إلى إطار أوسع للأمن والرخاء". وقال إن مملكة البحرين والولايات المتحدة دعت بالأمس المملكة المتحدة للانضمام إلى اتفاقية الأمن الشامل والازدهار المتكامل، معترفين بالتزامها الطويل الأمد بتعزيز هذه الأهداف في الشرق الأوسط وخارجه.

وقال إن مستقبل التعاون الاستراتيجي الإقليمي يتطلب تبنّي أطر واقعية ومركزة وقابلة للتكيف تشرك المشاركين الجدد والقضايا الجديدة بمرور الوقت، من أجل توحيد جهود الشركاء المتشابهين في التفكير لمعالجة تحديات محددة وتعزيز الأمن والاستقرار والترابط المتبادل في المنطقة تدريجياً، بدعم من حلفائنا العالميين.