نادراً ما ينقل لنا الإعلام ما يدور في عالم المقيمين هنا في البحرين وبالأخص الجاليات الآسيوية المختلفة حيث تبقى يوميات هذه الجاليات غامضة، وآراءها وأفكارها غير معروفة ونظرتها للمواطنين أو البلد والمستجدات فيه غير واضحة.
لكن مؤخراً ومن خلال حساب الانستغرام لجريدة GDN التي تصدر باللغة الإنجليزية وجدت ملامح لما يدور في أذهان بعض أفراد هذه الجاليات. حيث نشرت الجريدة خبراً عنوانه "حظر البيع في الشوارع على الأجانب وتشديد الإجراءات على المواطنين" وهو يتعلق بقرار ناقشه مجلس المحرق البلدي حول الباعة الجائلين. وقد لفت انتباهي العنوان وقررت قراءة التفاصيل. وبعد الانتهاء من القراءة انتقلت إلى التعليقات أسفل الخبر وهنا تبين لي أمر لم ألحظه من قبل!
كثير من التعليقات كانت من حسابات لمقيمين أجانب وكلها تقريباً كانت تعترض وتستنكر القرار. بعضهم شدد على ضرورة المساواة بين المواطن والمقيم احتراماً لمبادىء حقوق الإنسان وبعضهم ذكر أن الأجانب يشكلون نصف عدد السكان وأكثر وبذلك لهم الحق في ممارسة نشاط البيع. وأحدهم قال إن الأجانب هم من يبنون ويعمرون البلد ويجب أن تكون معاملتهم مطابقة لمعاملة المواطنين بدون تفرقة خاصة في جانب العمل التجاري.
بعدها، ركزت أكثر في حساب الجريدة المذكورة وطالعت الكثير من الأخبار والتعليقات فوجدت أن المقيمين من الجاليات الآسيوية يعبرون عن رأيهم حول مختلف القضايا ويعترضون على القرارات التي تستهدفهم ويدافعون عن أنفسهم وعن مصالحهم في البلد واستشعرت نبرة الاستحقاق في كثير من ردودهم وتعليقاتهم. لاحظت أيضاً أنهم كثيراً ما يصفون أنفسهم بالفئة المستضعفة وكثيراً ما يطالبون الجهات الرسمية هنا بإعطائهم مزيداً من الحريات في مجال التجارة على سبيل المثال.
وكان الاعتقاد السائد أن الجاليات تتبع مبدأ (لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم) بحيث تبعد نفسها عن القضايا المحلية أياً كانت. الآن بالإمكان التعرف على آراء منتسبيها من خلال النقاشات عبر برامج الإنترنت ووسائل التواصل حيث ينكشف المستور وتتضح الأمور.
وعودة إلى موضوع الباعة الجائلين الذي أثار حفيظتهم، فهل سيسمح هؤلاء المعترضون من أتباع الجاليات أن يتدفق لبلدانهم عشرات الألوف من البحرينيين أو الخليجيين ليعملوا في شتى أنواع التجارة عندهم بدون ضوابط وتنظيم، أم سيكون لهم رأي آخر؟