بحث الاجتماع الإقليمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الأول "اتفاقية التراث المغمور بالمياه” مع منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة "اليونسكو”، سبل حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، إضافة إلى عرض التشريعات واللوائح الحالية التي يجب الالتزام بها، لمنع أي انتهاكات قد تحدث في الأماكن والمناطق ذات الأهمية الثقافية، إضافة إلى إنشاء أنظمة وقوانين تحد من انتهاكات التنقيب على الآثار التاريخية في المناطق المغمورة بالمياه.وأكدت القائم بأعمال المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو لدول الخليج واليمن آنا باوليني، خلال الاجتماع الذي عقدته وزارة الثقافة ضمن فعاليات المنامة عاصمة الثقافة العربية العام 2012 لشهر البيئة، تزامناً مع مهرجان التراث البحري الذي تنظمه شؤون الموانئ والملاحة بوزارة المواصلات، أهمية الاجتماع الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة العربية، وضرورة الحفاظ على التراث الإنساني العالمي، وصونه بكافة الأشكال، وتعزيز التفاعل المثمر بين ثقافات الحضارات التي تدل على قيمة تراثها الإنساني المشترك الذي يحدد هويتها التاريخية، مضيفة أن هذا الاجتماع سيساهم في تعزيز القدرات المحلية، وإبراز المواقع الأثرية المغمورة بالمياه”.وقدم المشاركون رؤاهم وأطروحاتهم حول واقع الإرث الحضاري المغمور بالمياه في كل من دولهم، وكيفية المحافظة عليه، واستدلوا على الحقب المتراكمة ما بين القرنين السابع والثالث عشر، وعلاقاتهم التي تمتد إلى القارات الثلاث كآسيا، وأفريقيا، وأوروبا، كما نصبوا أعينهم حول العوامل الأساسية التي ساعدت على ازدهار التجارة العربية من خلال وسائل النقل البحري كاستخدام السفن والقوارب، مما مكنهم في السيطرة على الطرق البحرية، كما نص الاجتماع حول عرض الأسس والأنظمة والالتزامات التي من شأنها تسير وفق منهج إمكانية التصديق على اتفاقية اليونسكو لعام 2001 بشأن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه من قبل دول مجلس التعاون الخليجي واليمن، مما يساهم في تعزيز وحماية التراث المغمور بالمياه، ويعكس رغبة المجتمع الدولي في حماية المواقع والأطلال الأثرية المغمورة بالمياه من الدمار ومن تجارة صيد الكنوز وتعقبها ومن بعض الأنشطة الصناعية، كما تعكس هذه الاتفاقية أيضاً الاعتراف المتزايد بضرورة إعطاء نفس الأهمية ولفت الانتباه للتراث الثقافي المغمور ومساواته بالمكاسب التي حققتها المواقع التراثية التقليدية التي لم تغمرها المياه، وتأتي هذه الاتفاقية لتعزيز الحماية القانونية، وتمكين التعاون والبحوث والتوعية وبناء القدرات.وتجدر الإشارة إلى البحوث الأثرية للمواقع المغمورة بالمياه في المنطقة تتطور، على الرغم من أن الإمكانات في هذا المجال كبيرة وغير محدودة، فعلى مدى قرون وعصور سيطرت الدول العربية على البحار، وخاصة الفترة ما بين القرنين السابع والثالث عشر، حيث تمكن العرب من ربط شبكة علاقات تجارية قوية تجارية تمتد إلى مختلف الدول في القارات الثلاث: آسيا، أفريقيا وأوروبا، وأصبحوا بذلك سادة العالم يمتلكون قوة اقتصادية ضخمة، ويتوقع أن تكون بقايا وحطام السفن العربية، وكذلك الأجنبية، مثل السفن البرتغالية القابعة في أعماق البحار والمحيطات لم تصل إليها أيادي العابثين بعد، وبالإضافة لحطام السفن، فإن بقايا مواد بناء الساحلية وتلك التي تفرزها المدن تستقر في الأغلب تحت سطح البحر، مثلما هو الشأن بقلعة البحرين. وأشار مدير إدارة الآثار والمتاحف في دولة الكويت الشقيقة شهاب عبدالحميد إلى بعض المواقع الأثرية ذات العلاقة بالتراث البحري، وارتباط المجتمعات التي وجدت على أرض الكويت من خلال المنتجات الصناعية البحرية، من 6000 قبل الميلاد إلى نشأت الكويت ككيان سياسي. واعتبر شهاب أن نشأة الخليج العربي مرتبطة مع بعضه البعض، ويعتبر من أهم الطرق التجارية البحرية القديمة، وهو الرئة التي تتنفس منها بلاد الرافدين، ولعبت جميع المراكز الحضارية على الساحل الغربي للخليج العربي دوراً مهماً جداً في الصلات الحضارية ما بين العالم القديم، واستمر ذلك لغاية ظهور البترول، ونتيجة لطفرة المدن والمنشآت بدأ هذا التراث البحري يتأثر لعدة أسباب، والبعثات الأجنبية التي عملت في منطقة الخليج العربي في الخمسينات لم تهتم بالتراث الثقافي المغمور في المياه، وإنما ركزت على اليابس على التلال الأثرية الواضحة، وهذا جاء نتيجة للتوسع والتطور والطفرة، ودولة المدينة الحديثة، بدأ هناك عملية الهدم في سواحل البحار الموجودة في منطقة الخليج، وبهذا الردم فقدنا جزءاً كبيراً من الموانئ البحرية القديمة، كما إن هناك احتمال تواجد لمواقع أثرية تحت البحر، خاصة أن مناسيب مياه الخليج العربي تغيرت في فترات طويلة، والفرق في تغير مائة متر في ارتفاع منخفض لمنسوب المياه، وأيضاً القوانين المحلية لابد أن تعزز في حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، ولابد أن تكون لدينا خريطة شاملة لدول مجلس التعاون ترصد جميع ما هو موجود في قاع البحار”.