عشنا خلال الأيام الماضية أحداثاً دراماتيكية متسارعة بل ومفاجئة، وكان يوماً تاريخياً ولحظة شكّلت منعطفاً في تاريخ سوريا مع سقوط نظام بشار الأسد الذي حكم البلاد بقبضة أمنية حديدية استمرت لأكثر من خمسة عقود، تابعنا كيف دخلت الفصائل المسلحة دمشق بعد انهيار مفاجئ للنظام، حقيقة رأينا على شاشات الفضائيات مشاهد الفرح الهستيرية للمواطنين السوريين والاحتفالات التي عمت كل سوريا وخصوصاً شوارع العاصمة التي خرج فيها الآلاف ملوحين بالأعلام وشعارات الحرية، غير مصدقين ما حدث بعد سنوات من الاضطهاد والنفي.

ومع سقوط دمشق سارعت القوات السورية إلى تأمين مباني المؤسسات الحكومية وتعهّد قادة الفصائل المسلحة بعدم التعرّض لأحد وتصفية الحسابات الشخصية والانتقام أو وقوع أعمال عنف وفوضى تهدّد حياة المدنيين وممتلكاتهم.

من هنا لابد أن نؤكد على ضرورة المصالحة الوطنية الشاملة وتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، مع التأكيد على فتح صفحة جديدة تجمع السوريين على اختلاف أطيافهم، هذا التصرّف سوف يؤدي بالتأكيد إلى فتح صفحة جديدة تجمع السوريين على اختلاف أطيافهم.

في واقع الأمر، سوريا الآن في مفترق طرق وهي على أعتاب مرحلة صعبة لا تخلو من الصعاب والتحديات من أجل إعادة بناء دولة تحترم الجميع وترى المواطنين سواسية وتعمل على تحقيق العدالة، لا أن يتمّ تكرار أخطاء الماضي للنظام السابق، وبالتالي لابد على أبناء الشعب مداواة الجراح وتضميد جراح الماضي، بل وأن يكون ذلك على رأس أولويات المرحلة المقبلة، ولقد رأينا المواقف وردود الفعل الدولية، وإن كانت متفاوتة، إلا أنها تدعو إلى عملية انتقال سياسي سلمية بعيداً عن التطرّف والعدوانية.

شاهد العالم الزنازين المظلمة التي يتمّ فيها أصناف التعذيب والإعدامات بلا محاكمة بطرق وحشية بعيدة عن الإنسانية، ويعتبر سجن "صيدنايا" الشهير وهو رمز للرعب والظلم، الشاهد على جرائم نظام الأسد، حتى إنه يوصف بأنه "مسلخ بشري" وهو دليل واحد فقط من بين العديد من السجون السرية تحت الأرض، وما خَفي أعظم، ستكشفها الأيام.

همسة

اليوم سوريا وغداً فلسطين، شعار تداوله الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنا أقول اليوم سوريا وغداً صنعاء، إلى أن يتمّ القضاء على منبع العنف والكراهية والطائفية وكل من يسعى إلى خراب دولنا العربية.