أيمن شكل


توقعوا اعتلاءها عرش النقود خلال 5 سنوات

تعليقاً على تقرير «الوطن» بشأن الورقة الاستشارية الخاصة بإصدار عملات مشفرة «مستقرة» التي نشرها مصرف البحرين المركزي على موقعه الإلكتروني، توقع خبراء اقتصاد وعملات مشفرة أنها ستزيح البنكنوت من على عرش التداول خلال 5 سنوات، وأنها مستقبل التداول والمعاملات المالية لا محالة، مؤكدين أن نهج مصرف البحرين المركزي في وضع أطر تنظيمية استباقية يتماشى مع سياسات الابتكار التي تدعمها حكومة مملكة البحرين.

البحرين تتميز بالابتكار المالي منذ زمن وأشار الخبير الاقتصادي د. عمر العبيدلي إلى أن هذه العملات تمثل ابتكاراً ملحوظاً ينبغي النظر فيه، لأنه يسعى لمعالجة إحدى ثغرات العملات المشفرة التقليدية، وهي عدم استقرار أسعارها مقابل الأصول غير المشفرة كالعملات التقليدية والمعادن النفيسة. ولكن نظراً لطبيعة سوق الأصول المالية والمخاطر التي تظهر فيه، فلم يمضِ وقت كافٍ لتقييم هذه التجربة. وفيما يخص المملكة وما ورد في الورقة الاستشارية الخاصة بالعملة المشفرة المستقرة، أوضح د. العبيدلي أن البحرين دولة رائدة في مجال التكنولوجيا المالية، وبالتالي مشاركتها في هذه التجارب يتماشى مع سياسة الابتكار المالي، وأضاف قائلا: «نجاح هذه العملات قد يستند إلى جودة الرقابة، وهو مجال تتميز فيه مملكة البحرين تاريخياً، إذ فاز مصرف البحرين المركزي بجوائز بسبب تميز إدارته للقطاع المالي».

توجه حميد من «المركزي» يستبق الحدث

بدورها أكدت الخبيرة الاقتصادية نورا الفيحاني أن المعلومات الخاصة بالعملة المشفرة المستقرة التي نشرت في الورقة البحثية على موقع مصرف البحرين المركزي، تظهر بوضوح التوجهات القادمة في التداول، حيث ستشهد دول العالم، ومن ضمنها مملكة البحرين، انتقالا من العملة الورقية إلى التعامل بالأرقام والشفرة.

وقالت الفيحاني إن هذه الورقة البحثية تضع كافة التفاصيل الخاصة بالمعايير والإجراءات الخاصة بإنشاء هذه العملة المشفرة المستقرة، ويتوقع أن يدخل فيها البنوك أو المؤسسات المالية الأخرى باعتبارها صيغة تداول حديثة تحتاج للتنظيم من قبل الدولة، وهو توجه حميد من مصرف البحرين المركزي في أن يستبق الحدث ويضع له تصور شامل يستطيع أن يواجه التسارع الكبير في نظم العملات المشفرة.

وحول كون تلك العملة المشفرة «مستقرة»، أوضحت الخبيرة الاقتصادية أن هذا الوصف على العملة المشفرة يعتبر توجه عالمي من الدول لمواجهة الارتفاعات غير المنطقية في أسعار العملات المشفرة الأخرى مثلما يحدث اليوم في بيتكوين وبعض العملات الأخرى، خاصة وأن تلك العملات ستكون مرتبطة بعملات حقيقية لها واقع ملموس للمتداولين والناس الطبيعيين، خاصة وأنها ستكون مضمونة من قبل المصارف المركزية للدول، وقالت: «أتوقع أن يكون تأثير العملات المشفرة المستقرة، سلبيا على العملات الافتراضية في المستقبل المنظور».

النسخة المطورة من العملات الورقية

من جانبه، أكد الخبير في تداول العملات المشفرة والمدير السابق لمنصة «رين» للتداول محمد عتيق أن دولا متعددة في العالم اليوم تبحث تطبيق هذه الأنظمة للعملات المشفرة المستقرة، فيما بدأت دول باتخاذ الإجراءات الفعلية لإصدار تلك العملات، مشيرا إلى مشروع «عابر» للعملة الرقمية، الذي أطلقته المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عن طريق البنك المركزي السعودي ومصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي في 29 يناير عام 2019، بهدف إثبات جدوى إصدار عملة رقمية مشتركة بشكل ثنائي، واستخدامها أداةً للتسوية المالية محليّاً وعبر الحدود بين البلدين.

وقال عتيق إن العملات المشفرة ستكون النسخة المطورة للعملات الورقية التي ستشهد انحسارا في التداول والعمل بها، لفوائدها الكثيرة بالنسبة للدول التي يمكن أن تتابع كافة التحركات المالية، وتكافح جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب عن طريق تلك العملات التي ستأخذ مكان العملات المشفرة الحالية أو تستحوذ على نسبة أكبر من المتداولين النشطين اليوم.

وأثنى عتيق على مبادرة مصرف البحرين المركزي واستباقه للحدث بإصدار الورقة البحثية المحكمة والتي تطرقت لكافة تفاصيل إطلاق عملة مشفرة مستقرة، مؤكدا أن هذا التطور في مضمون العملات والتداول أمر لا شك فيه وقادم لا محالة، متمنيا أن تكون البحرين من أوائل الدول المنشئة لتلك العملات، فيما توقع أن تنتشر تلك العملات خلال 5 سنوات لتكون موجودة في كل دول العالم.

وتعتمد العملات المشفرة المستقرة على تقنية البلوكشين أيضا مثلها مثل العملات المشفرة المتعارف عليها في السوق، وتستخدم الذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستقرار والأمان في الأسواق المالية، وذلك لارتباطها بعملة مثل الدولار أو الدينار وغيرها من العملات، وتعتبر العملة المشفرة المستقرة من الخيارات الأكثر ثقة للمستثمرين بسبب قدرتها على تقليل التقارب والتداخل الحكومي، وزيادة السرية والأمان في التعاملات المالية.

دول تبنت العملة المشفرة المستقرة

ولقد تبنت العديد من الدول نظام العملات المشفرة المستقرة (CBDCs) أو تفكر في تبنيها، مثل الصين التي قامت بتجربة العملات المشفرة المستقرة في عدة مناطق، مثل شانغهاي وشنيانغ، والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يدرس البنك الفيدرالي الأمريكي تأثيرات وإمكانيات العملات المشفرة المستقرة، وكذلك الهند حيث تعمل على تطوير نظامها الخاص بالعملات المشفرة المستقرة، والمملكة المتحدة، إذ يدرس البنك المركزي البريطاني تبني العملات المشفرة المستقرة، وأستراليا التي تعمل على تطوير نظامها الخاص بالعملات المشفرة المستقرة.

وكانت «الوطن» قد نشرت تقريراً حول ورقة استشارية أصدرها مصرف البحرين المركزي، خاصة بإصدار عملات مشفرة «مستقرة» مرتبطة بالعملات النقدية مثل الدينار والدولار الأمريكي، والمتطلبات الخاصة بإصدار العملات المرخصة للجمهور.

وبيّنت الورقة، أن إصدار العملات المستقرة يجب أن يتوافق مع قانون المصرف المركزي، ويلبي الشروط والمتطلبات حيث يسمح بإصدار عملة واحدة مدعوة بالكامل بإحدى العملات الورقية المعمول بها في المملكة، فضلاً عن توافر الأصول الاحتياطية عالية الجودة.

وأوردت الورقة، تفاصيل حول تقديم طلب الحصول على الترخيص والمالكين المستفيدين والسوق الأساسية للعمل والعميل المتوقع الذي يتعامل معه مقدم الطلب في الأعمال التجارية، وعناوين مواقع الويب المرتبطة والمنتجات والخدمات المقدمة، مع وصف للأعمال التجارية المقترحة والحالية والتاريخية لمقدم الطلب.