تحتفل مملكة البحرين بأعيادها الوطنية وعيد الجلوس الخامس والعشرين لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، وما يصاحبها من مناسبات وطنية، وهي تحصد ثمار سلسلة من الإنجازات الوطنية التي تحققت خلال عام 2024، ضمن المسيرة التنموية الشاملة التي تمضي فيها المملكة بثبات وتقدم للعبور إلى المستقبل، في ظل العهد الزاهر بقيادة حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه ، والجهود الحثيثة المخلصة للحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وسعيها لانتهاج أفضل الممارسات الإدارية والتنظيمية، وضمان أجود الخدمات الحكومية، و إطلاق المزيد من المشاريع التنموية الرائدة، التي تهدف إلى رفع المستوى المعيشي للمواطن البحريني، والاستثمار في الكوادر والسواعد الوطنية، تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة، والتأسيس والبناء على النجاحات والإنجازات المتحققة كنتاج للعمل الدؤوب من فريق البحرين .

رؤى متجددة نحو المستقبل ومؤصلة للهوية الوطنية

انطلاقاً من أهمية استكمال الخطط المنبثقة من رؤية البحرين الاقتصادية 2030، ونتائج تطورها الناجحة، التي تعكسها مؤشرات الأداء والتنافسية النوعية، على الصعيدين المحلي والدولي ، والتزاماً من الحكومة باستمرارية التخطيط الاستراتيجي الشامل، شهد عام 2024 توجيهات ملكية سامية بأهمية تسريع العمل على إطلاق النسخة التكميلية القادمة للعام 2050، لتشمل تصوراً متجدداً لمستقبل المملكة وأجيالها، للحفاظ على موقعها المتقدم كدولة ذات نهضة عصرية، تعكس عمق روابطها القومية، وهويتها الوطنية كعنصر أصيل للتنمية الشاملة وروح الانتماء والولاء.

وفي هذا الإطار، وجه جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، بعمل دراسة متكاملة وخطة وطنية طموحة لتأصيل الهوية البحرينية، لضمان اقتباس كافة عناصرها على مختلف الأصعدة، وبما يمكنّ من ضبط التوازن بين متطلبات أدوات الانفتاح والتجديد والمعاصرة، وبين اشتراطات حماية الأمن الوطني في صيغته المتكاملة، وخصوصاً ما يتعلق بأمن ثروات البحرين الطبيعية وسبل استثمارها، لتأمين المستقبل المستدام لأبنائها. هذه الرؤية الحكيمة لجلالته التي تجسد نهج البحرين المتوازن والاستشرافي في الاستفادة من التطور التكنولوجي مع الحفاظ على الروح الوطنية والهوية الثقافية.

قفزات نوعية في مؤشرات التنافسية العالمية

حققت مملكة البحرين مستويات متقدمة في خططها التنموية للحفاظ على ثبات وقوة الاقتصاد الوطني لاسيما فيما يتعلق بنمو الناتج المحلي المدعوم بالأنشطة غير النفطية ، وهو الأمر الذي تسعى رؤية البحرين الاقتصادية إلى تحقيقه عبر تنويع مصادر الدخل الوطني، والاعتماد بشكل أكبر على الأنشطة غير النفطية التي باتت تلعب دوراً ملحوظاً في رفد الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 85%، حيث تصدرت القطاعات المالية والمصرفية والتأمين، وقطاع السياحة والفندقة والمطاعم، وقطاع الصناعات التحويلية، وقطاع الاتصالات والتكنولوجيا ، والقطاع اللوجستي والنقل والتخزين، أهم الأنشطة غير النفطية في المملكة. كما نجحت مملكة البحرين في جذب الاستثمار الخارجي المباشر بفضل البنية التحتية المحفزة للاستثمار والشراكة المتميزة بين القطاعين الحكومي والخاص في تنفيذ جملة من المشروعات التنموية الكبيرة والعملاقة.

وانعكاساً لتلك الخطط والاستراتيجيات المدروسة، حققت مملكة البحرين في عام 2024 قفزة نوعية ضمن تصنيف التنافسية العالمية لعام 2024- الصادر عن مركز التنافسية العالمية، المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، متقدمة 9 مراتب منذ إدراجها عام 2022، لتحتل المركز الـ 21 عالميًا ضمن تصنيف هذا العام.

ويعكس هذا الإنجاز اللافت جهود المملكة الحثيثة في بناء اقتصاد تنافسي محفز لأصحاب الأعمال والمستثمرين، إذ أكدت وزارة المالية والاقتصاد الوطني أن البحرين أبرمت حتى الآن نحو 38 اتفاقية لتشجيع وحماية الاستثمار مع العديد من دول العالم، تهدف إلى جعل المملكة الخيار الأمثل لجذب الاستثمارات الخارجية المباشرة.

وبحسب الإصدار الأحدث لتقرير التنافسية العالمية؛ فقد تبوأت مملكة البحرين المركز الأول عالميًا ضمن 12 مؤشرًا فرعيًا، كما احتلت مراتب متقدمة ضمن المراكز العشر الأولى عالميًا في 75 مؤشرًا فرعيًا آخر، من أبرزها المؤشرات التالية:

- احتلت المملكة المركز الثامن عالميًا ضمن المؤشر المعني بقدرة السياسات الحكومية على التكيف مع المتغيرات. كما أثمرت سياسات تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في حلول المملكة في المركز الثامن عالميًا أيضًا ضمن المؤشر المعني بدعم القطاعين العام والخاص للتطور التكنولوجي.

- حققت المملكة المركز الـ 18 عالمياً في مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية وفقاً لتقرير الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية للعام 2024، متقدمة بواقع 36 مركزاً.

- في القطاع المالي والمصرفي، جاءت البحرين في المركز التاسع عالميًا ضمن المؤشر المعني بكفاءة الخدمات المالية والمصرفية المقدمة للأنشطة التجارية.

- كما حلت في المركز السادس عالميًا في المؤشر المعني بقياس الأثر الإيجابي لسياسة المصرف المركزي على الاقتصاد.

- تبوأت مملكة البحرين المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الحرية المالية والتجارية والاستثمار، للعام الثالث على التوالي، وفقًا لمؤشر الحرية الاقتصادية 2024 السنوي الصادر عن مؤسسة (هيريتيج فاونديشن) الرائدة في مجال الأبحاث.

- وتصدرت البحرين تصنيفاً عالمياً حول فاعلية القوانين المنظمة للتمويل الإسلامي، بحلولها في المرتبة الأولى عالمياً في أنظمة التمويل الإسلامي بحسب تقرير تنمية التمويل الإسلامي ICD-LSEG/.

- وفي قطاع الشباب، حلت مملكة البحرين في المرتبة الثانية عربياً، والثالثة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وذلك في مؤشر تنمية الشباب العالمي 2023، الصادر في مايو 2024- ويعد المؤشر مصدراً يعتمده الباحثون وصناع السياسات والمجتمع المدني لتتبع التقدم في أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بتنمية الشباب، كما يعكس إنجازات البحرين والتزامها برعاية وتمكين شبابها ومواهبها.

- وأظهرت المؤشرات تفوق رأس المال البشري البحريني ضمن منظومة الاقتصاد، بحصول المملكة على المركز الرابع عالميًا في توافر العمالة الماهرة ضمن سوق العمل،

- والمركز السادس عالميًا ضمن المؤشرات المعنية بتوافر المهارات المالية، وتوافر المهارات التكنولوجية والرقمية، إضافة إلى مهارات اللغة،

- والمركز الثاني عالمياً ضمن المؤشر الذي يقيس مرونة وتكيف الأفراد مع التحديات،

- والمركز التاسع عالمياً ضمن المؤشر المعني بإنتاجية القوى العاملة.

- وفي قطاع الفضاء، تصدرت المملكة مؤشرات الأمم المتحدة بشأن معالم المساواة بين الجنسين ومساهمة المرأة في قطاع الفضاء، وفقاً للدراسة الصادرة مؤخرًا عن برنامج "الفضاء من أجل المرأة SPACE4WOMEN» " التابع لمكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي (UNOOSA).

- وفي قطاع اللوجستيات، حققت مملكة البحرين نتائج مميزة في مؤشر الترابط العالمي 2024 الصادر عن (دي إتش إل) الرائدة في مجال الخدمات اللوجستية العالمية، حيث تقدمت المملكة سبع مراتب لتصل إلى المرتبة الخامسة والعشرين عالميًا باعتبارها البلد الأكثر تحسنًا منذ العام 2021.

مساراتُ ريادةٍ وطنية، ومبادراتٌ دولية شاملة..

لم تألُ حكومة مملكة البحرين جهداً لتسخير كافة الموارد والإمكانيات في جميع القطاعات الخدمية والحيوية لتقديم أفضل الخدمات الحكومية للمواطنين ، تلبية للأهداف الإنمائية للاستدامة والتي تحقق الرخاء والاستقرار، وذلك بالتعاون والتكامل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، والشراكة الاستراتيجية المثمرة بين القطاعين الحكومي والخاص في تنفيذ المشروعات التنموية الطموحة التي تشمل مختلف قطاعات في الدولة وأبرزها الإسكان، والتعليم، والصحة ، والاستدامة، والأمن الغذائي، والسياحة، والإعلام، والثقافة، والرياضة، والأمن والتكنولوجيا الرقمية، والاتصالات، والنقل والمواصلات، والبنية التحتية، والطاقة النظيفة، والمناخ، ودعم تمكين المرأة والشباب، وتكريس نهج التعايش والتسامح.

وتقديراً لتلك الجهود الحكومية الجادة الدؤوبة ، استحقت مملكة البحرين مؤخراً أن تحصد ثلاثاً من جوائز التميز الحكومي العربي لعام 2024- والتي تنظمها المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية بالشراكة مع حكومة دول الامارات العربية المتحدة الشقيقة صاحبة المبادرة، بفوز معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني بجائزة أفضل وزير عربي، وفوز المشروع الوطني "لامع" بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتمكين الشباب، وفوز مشروع "العقوبات البديلة والسجون المفتوحة" بجائزة أفضل مشروع حكومي عربي لتنمية المجتمع. وعكست هذه الجوائز العمل الحكومي الموحد الذي يسير وفقًا للرؤية الشاملة لجلالة الملك المعظم، والخطط والمتابعة للحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والهادفة إلى مواصلة العمل بناءً على منظورٍ استشرافي يقوم على الابتكار والتميز والتنمية.

عام مميز عاشته مملكة البحرين وحققت عبر أيامه وشهوره العديد من الإنجازات والمكتسبات الوطنية، بين تنفيذ وإطلاق العديد من المشاريع والمبادرات التنموية الطموحة، وتصدُّر عدد كبير من مؤشرات التنافسية العالمية الصادرة عن منظمات إقليمية ودولية رفيعة، والمضي في خطط تحسين الخدمات الحكومية.

كما لعبت مملكة البحرين في هذا العام دوراً إقليمياً مؤثراً بقيادتها للعمل العربي المشترك في إطار رئاستها لأعمال الدورة الثالثة والثلاثين للقمة العربية، عبر الدفع بالجهود والامكانيات والحلول الدبلوماسية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين في المنطقة والعالم، ومجابهة التحديات الأمنية والسياسية والجيوسياسية التي يشهدها الإقليم من خلال إطلاق عدة مبادرات دولية على رأسها، تبني الدعوة لعقد واستضافة مؤتمر عالمي للسلام برعاية الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، بما ينهي الاحتلال الاسرائيلي لكافة الأراضي العربية المحتلة، ويجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة.

لقد أتثبت مملكة البحرين أنها وعلى الدوام، تتطلع عاماً بعد عام إلى البناء والازدهار للعبور إلى المستقبل، اعتمادا على رؤى وسواعد وطنية مخلصة، ومتمسكة بهويتها البحرينية العربية الأصيلة، بما يضمن للمملكة وشعبها، عبوراً آمناً، ومستداماً، ومستقراً، إلى آفاق رحبة من النهضة والازدهار والسلام.