فاطمة الصديقي


عبارة «عدم الاختيار هو الاختيار» تعكس فكرة عميقة في مفهوم اتخاذ القرار، فعدم اتخاذ القرار في الاختيار المناسب في جانب من الجوانب أو موضوع من المواضيع أو فكرة من الأفكار، في الحياة الاجتماعية أو الشخصية، والتنحي عن الاختيار والالتزام به يُعدّ بحد ذاته قراراً، حتى وإن ظنّ صاحب القرار أن عدم الاختيار يُعدّ عملاً موضوعياً لتجنّب الوقوع في المشاكل أو الالتزامات الحيادية خصوصاً للأمور الحساسة التي لا تتقبّل الوقوع في الخطأ نظير الاختيار غير الموفق.

أهمية الوعي بالخيارات المتاحة والتفكير في العواقب الناجمة من الاختيار من عدمه، يجعل المرء يفكّر مليّاً، فالمسؤولية عظيمة من عدم التوفيق في الاختيار، ولكن قد تكون العاقبة أعظم في عدم الاختيار، فالنتائج عند عدم اتخاذ القرار المناسب تؤدي لربما إلى تفاقم المشكلة بدلاًمن حلها، وهذا يترتب في العملية الانتخابية عندما يتجنّب البعض التصويت وهم لا يدركون بأن قرار عدم التصويت أو الخيار الآخر قد يكون غير مناسب، قد يهدم كيان مجتمع وقوته، فهذه اللامبالاة قد تؤدي بصاحبها إلى نفق مظلم لا تُدرك عواقبها أو إلى منحدر لا يُحمد عقباه خاصة في الأمور السياسية والإنسانية والاقتصادية، تماماً كما حدث في الأزمة الاقتصادية العالمية عندما قرّرت بعض الدول والحكومات عدم اتخاذ القرارات المناسبة للحد من التحذيرات الواضحة من المخاطر المعنية بالاقتراض على سبيل المثال لا الحصر، فعدم الاختيار في التوسّع في هذا الملف كان خيار كبرى الدول وعدم الالتفات إلى التحذيرات من أهل الاختصاص في هذا الشأن، أدى إلى منعطف مُعتم أهلَكَ الكثير من الشعوب.

أحياناً عدم الاختيار يعني إضاعة فرصة قد تكون ذهبية، فالخوف من اتخاذ القرار المناسب قد يُنجي صاحبه من الخطأ أو يجعله في دوّامة الخطر يعرّضه إلى الندم، والندم آفة تأكل من الراحة والاستقرار، لا تعالج الخطأ وإنما تتركه في مفترق الطرق، لا يعني أن ليس هناك حلول بل التروّي في الاختيار من عدمه يجعل من الاختيار واعياً،. هناك أيضاً كفة الاستخارة فهي تُنجي صاحبها من الحالة النفسية التي قد يتعرّض لها والخسائر الأخرى التي تترتب في الخيار غير المناسب، فالاستخارة وسيلة للبحث من أجل الدلالة والتوجيه التي تعبّر عن الثقة بالله وطلب العون في الاختيار الموفق، فالاستخارة خيارٌ في الاختيار تُعين صاحبه على التعقيدات الناتجة من التردّد عند الاختيار.