عواصم - (وكالات): تصاعدت وتيرة العنف شمال غرب سوريا أمس وقتل العشرات بينهم عدد من الأطفال في غارة للطيران الحربي السوري، فيما أعلن مقاتلون معارضون شن "هجوم حاسم” على معسكر استراتيجي في محيط مدينة معرة النعمان. في هذا الوقت، أعلن الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي من عمان أن وقف إطلاق النار الذي دعا إليه بمناسبة عيد الأضحى يمكن البناء عليه من أجل "هدنة حقيقية”، وذلك عشية وصوله إلى دمشق غداً. وقتل 44 شخصاً بينهم عدد من الأطفال، جراء غارة شنها الطيران الحربي السوري على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية، بحسب ما ذكر مسعفون. وقال أحد المسعفين "انتشلنا ما مجموعه 44 جثة من تحت الأنقاض، بينها جثث لعدد من الأطفال”، إثر الغارة على المدينة الخاضعة لسيطرة المقاتلين المعارضين والواقعة في محافظة إدلب. وأشار المسعف إلى أن القذائف التي ألقتها الطائرات الحربية دمرت بشكل كامل أو جزئي مبنيين ومسجداً تواجد فيه عدد كبير من النساء والأطفال. وأشار أحد السكان -فضل عدم كشف اسمه- إلى أن عدداً من الضحايا كانوا قد عادوا لتوِّهم من بلدة كفرنبل غرب معرة النعمان. وأضاف "كانوا يعتقدون أن الخطر قد ولى”. وكانت أجواء المدينة ومحيطها شهدت تحليقاً للطيران الحربي السوري طوال اليوم، وألقت الطائرات نحو 10 قذائف على المدينة وأطرافها الشرقية، حيث يحاصر المقاتلون المعارضون معسكر وادي الضيف الأكبر في المنطقة والذي ما زالت القوات النظامية تسيطر عليه. وشهدت معرة النعمان غارات جوية في الأيام الماضية، لا سيما بعد سيطرة المقاتلين المعارضين عليها في 9 أكتوبر الجاري، واستحواذهم على جزء من الطريق السريعة بين دمشق وحلب بالقرب منها، ما مكنهم من إعاقة إمدادات القوات النظامية. في موازاة ذلك، بدأ مقاتلون معارضون "هجوماً حاسماً” على معسكر وادي الضيف الاستراتيجي في محيط مدينة معرة النعمان. وقال رائد منديل، وهو أحد قائدي المقاتلين المعارضين في المنطقة، "بدأنا اليوم الهجوم الحاسم على المعسكر، وسنسيطر عليه”، وذلك على بعد 500 متر من المعسكر الأكبر في المنطقة، والذي يضم دبابات وخزانات وقود كبيرة. وقام المقاتلون بالتحضير لشن الهجوم من خلال قصف المعسكر بالقذائف، وبدؤوا بالمرحلة الثانية من الهجوم مستخدمين أسلحة خفيفة وثقيلة. وأكد المقاتلون أنهم دمروا 3 دبابات في المعسكر، فيما أكد قائد آخر لهم أن 6 جنود نظاميين استسلموا، قائلاً إنهم "كانوا جائعين ومنهكين”. وبحسب المقاتلين الذين يفرضون حصاراً على المعسكر وحاولوا اقتحامه في الأيام الأخيرة، يتواجد في وادي الضيف نحو 250 جندياً نظامياً وكمية كبيرة من العتاد العسكري والذخائر. ويقع المعسكر على مسافة كيلومترين من الطريق السريع بين دمشق وحلب، والتي استحوذ المقاتلون المعارضون على جزء منها بالقرب من معرة النعمان التي سيطر المقاتلون المعارضون عليها في أكتوبر الماضي، ما مكنهم من إعاقة إمدادات القوات النظامية. وفي دمشق، فجر انتحاري يقود دراجة نارية نفسه على مقربة من مبنى وزارة الداخلية السورية وأجهزة أمنية في أحد أحياء العاصمة السورية، بحسب ما أفاد مصدر أمني.من جهته، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أعمال العنف أمس حصدت 141 قتيلاً في مناطق سورية مختلفة.وأعلن المرصد أن أعمال العنف في سوريا أسفرت عن 34 ألف قتيل معظمهم مدنيون منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام في مارس 2011. وقال المرصد الذي مقره في بريطانيا إن نحو 1000 شخص قتلوا في الأيام الخمسة الأخيرة، ما يدل على تصاعد وتيرة العنف. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس أن "24 ألفاً و270 مدنياً مسلحين وغير مسلحين، و8 آلاف و510 جنود و1261 منشقاً قتلوا” بين مارس 2011 و18 أكتوبر 2012. وكانت منظمة "افاز” غير الحكومية أفادت في وقت سابق أن ما بين 28 ألفاً و80 ألف شخص فقدوا في سوريا منذ اندلاع النزاع في هذا البلد، مستندة إلى أرقام أدلت بها منظمات تدافع عن حقوق الإنسان. سياسياً، أعلن الإبراهيمي من عمان أنه "في حال تم وقف القتال وتنفيذ هدنة أعتقد أننا سنستطيع أن نبني عليه هدنة حقيقية لوقف إطلاق النار ولعملية سياسية تساعد السوريين على حل مشاكلهم وإعادة بناء سوريا الجديدة التي يتطلع إليها شعبها”. وتأتي المحطة السورية للإبراهيمي الموجود في عمان الخميس، ضمن جولة في المنطقة شملت السعودية وتركيا وإيران والعراق ومصر ولبنان. وكانت وزارة الخارجية السورية أعلنت أن الإبراهيمي سيكون في دمشق غداً، حاملاً معه اقتراحاً لوقف إطلاق النار خلال عيد الأضحى أبدى طرفاً النزاع استعداداً مشروطاً للتجاوب معه ويلقى ترحيباً إقليمياً ودولياً متزايداً. وفي جنيف، حضت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي مجلس الأمن الدولي على "التحدث بصوت واحد” حيال الأزمة السورية، آملة في ألا يصبح الوضع في هذا البلد أشبه بما حصل في مدينة سربرينيتسا في البوسنة. وقالت القاضية الجنوب أفريقية إن "الوضع في سوريا ميؤوس منه بكل بساطة”. وأضافت "أحض مجلس الأمن على التحدث بصوت واحد. إنه أمر أساسي لتوجيه رسالة قوية”. وكررت من جهة أخرى أن الطرفين المتنازعين ارتكبا جرائم "هي بمثابة جرائم ضد الإنسانية”. وزار العاهل المغربي الملك محمد السادس المستشفى الميداني المغربي بمخيم الزعتري للاجئين السوريين شمال شرق الأردن. وكان العاهل المغربي بحث مع الملك عبد الله الثاني الأزمة السورية، وفقاً لبيان صادر عن الديوان الملكي الأردني. وحذر العاهل الأردني خلال اللقاء من "التداعيات الخطيرة للأزمة على جميع دول المنطقة”. ودعا المجتمع الدولي إلى دعم الأردن لمواجهة "الأعباء الكبيرة التي يتحملها في سبيل تقديم خدمات الإغاثة الإنسانية للاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم 200 ألف لاجئ”.من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن بلاده "ستعمل كل ما تقتضيه الضرورة” لضمان عدم وقوع الأسلحة الكيماوية السورية بأيدي من وصفها بـ«التنظيمات الإرهابية” دون استبعاد قيامها بعمل عسكري، في سبيل تحقيق ذلك. من جهة أخرى، قالت صحيفة "واشنطن بوست” الأمريكية أن هناك انقسامات داخلية تشهدها الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد، حيث إن النظام في البلاد يستند بشكل كبير على الـ 2.5 مليون علوي لتدعيم موقفه في وجه الغالبية السنية التي تشكل المجتمع السوري. ونقلت الصحيفة على لسان بروفيسور العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت، هلال خشان قوله: "العديد من أبناء الطائفة العلوية غاضبون من موقف الرئيس السوري بشار الأسد، الموقف الذي سيجرهم إلى حرب طائفية لن يتمكنوا من الفوز بها”.وأضاف خشان "يعتمد بشار الأسد في سلطته على الطائفة العلوية التي تسانده، ولن يتمكن من الصمود يوماً واحداً في حال عدم وجود هذا الدعم”.