برعاية ملكية سامية، تحمل رمزية عميقة، ومعاني تعكس تنفيذاً استراتيجياً في رؤية التنمية المستدامة، تفضَّل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين المعظَّم حفظه الله ورعاه، برعاية حفل افتتاح مشروع تحديث مصفاة بابكو، هذا المشروع يُعدُّ الأكبر في تاريخ المملكة ضمن قطاع الطاقة، ويهدف إلى تعزيز مكانة البحرين في مجال صناعة النفط والطاقة، وعلى مستوى استخدام وتوظيف تقنيات جديدة تساهم في تحسين الأداء، ورفع الإنتاج، وتحقيق الاستدامة.

يأتي افتتاح هذا المشروع الوطني تزامناً مع احتفالات البحرين بأعيادها الوطنية وعيد الجلوس الخامس والعشرين لجلالة الملك المعظم، ويوم الشهيد، وما يصاحبها من مناسبات وطنية، في شهر ديسمبر، مثل يوم الشرطة البحرينية، ويوم المرأة البحرينية، كما يستدعي هذا اليوم إلى الأذهان افتتاح مصفاة بابكو الأولى في 11 ديسمبر 1937، مما يعكس استمرارية التطور في قطاع الطاقة.

واقع الاستمرارية في التطور انعكست دلالته في مَواطن أخرى لهذا الافتتاح، في إشارة إلى رؤية الاستدامة لدى القيادة الرشيدة، المبنية على التّكامل في النهوض والوصل بين الماضي والحاضر، من أبرز هذه الأبعاد، استخدام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، في قصِّ شريط افتتاح المشروع، الخنجر التقليدي، وذلك على خُطى جدّه الأكبر الراحل صاحب العظمة سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، حاكم البحرين طيّب الله ثراه، ضمن سياق تقليدي، قام به آنذاك في حفل افتتاح مصفاة بابكو، يتصل بالثقافة والهوية.

هذا وفي ذات الوقت ما يحمله التطابق في الاسم، بين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، القائم على الانطلاقة الحديثة لمشروع مصفاة بابكو، والجدّ الأكبر لجلالته الراحل صاحب العظمة سمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، القائم على الانطلاقة الأولى ذات المشروع، من وحدة رؤية متكاملة في الاستمرارية والتطوير، تعكس إدراكاً ووعياً متجذّراً في تاريخ قيادة البحرين بأهمّية قطاع الطاقة وصناعة النفط، والدور المحوري لهما في الآفاق الاقتصادية الوطنية، وتحقيق التنمية المستدامة.

فمنذ افتتاحه، شكّل مشروع مصفاة بابكو ثقلاً اقتصادياً، محلياً وإقليمياً، كونه الحجر الأساس في صناعة النفط بمملكة البحرين ونموذجاً مميّزاً بأدائه وإنتاجه في المنطقة، يتفرّد بخاصية الريادة، محقّقاً بذلك أهمية بالغة، وأيضاً تأتي أهمية هذا المشروع على مستوى الصناعة النفطية، باعتبار أن مملكة البحرين، هي أول بلد في المنطقة، حيث تم اكتشاف أول بئر للنفّط، وذلك سنة 1932، ومنذ ذلك الحين تنتج النفط الخام، وتعتمد في هذه الصناعة أساساً على تكرير النفط، الذي يرد من المملكة العربية السعودية، بناءً على الشراكة بين البلدين التي تقوم على التكامل.

واليوم تحديث مشروع مصفاة بابكو يشكّل خطوة جديدة، ونقلة نوعية، على مسار استمرارية التطور لهذا المشروع، في إطار تحقيق التنمية المستدامة بمملكة البحرين، تقوم على التحديث التقني والاستدامة البيئية، وذلك باستخدام تكنولوجيا حديثة، من شأنها تحسين جودة الخدمة وتعزيز كفاءة الإنتاج، التُقليل من الانبعاثات الضارة بالبيئة.

خطوة تعمل على تنويع مصادر الدخل وتحقيق أمن الطاقة، حيث يمثل المشروع استثماراً استراتيجياً يُعزّز مكانة البحرين كمحور إقليمي للطاقة والتكرير، مما يدعم جذب الاستثمارات الأجنبية.

ويسهم المشروع في تعزيز الإيرادات الوطنية عبر تحسين كفاءة التكرير وزيادة الإنتاجية بنسبة 42%، ليصل إلى 400000 برميل يومياً.

كما يعمل المشروع على تقليل الاعتماد على الموارد المحلية مثل الغاز الطبيعي المنتج محلياً، والاستفادة من تقنيات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بما يعزّز أمن الطاقة.

كما أن هذه الخطوة تتضمّن بُعداً اجتماعياً وتنموياً، إذ خلق فرص عمل جديدة بتوظيف نسبة تصل إلى 90% من البحرينيين خلال السنوات الخمس القادمة، ما يسهم في التنمية الاجتماعية وتعزيز القوى العاملة الوطنية، إذ يدعم المشروع القطاع الخاص من خلال توفير فرص اقتصادية للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تُقدّم خدمات داعمة.

فهذه الخطوة بمختلف أبعادها التحديثية التّنموية، تعمل على تعزيز مكانة البحرين إقليمياً ودولياً، حيث يمثّل المشروع استثماراً استراتيجياً يُعزّز مكانة البحرين كمحور إقليمي للطاقة والتكرير، مما يدعم جذب الاستثمارات الأجنبية، وهي بذلك تعكس الالتزام بتنفيذ برامج تنموية طموحة تحقق رؤية البحرين الاقتصادية 2030، وحرص قيادتها على ذلك من خلال الإشراف الشخصي والمباشر.

إن مشروع تحديث مصفاة بابكو ليس مجرّد خطوة نحو تحسين قطاع النفط، بل هو رمز لالتزام البحرين بالتطور والاستدامة، وتجسيد لرؤية تجمع بين إرث الماضي العريق وتطلعات الحاضر الطموح، ويُعدُّ استدلالاً على التزام مملكة البحرين بتحقيق التنمية المستدامة والابتكار، برعاية قيادية حكيمة وشراكة إقليمية قوية، تجعل مملكة البحرين تمضي قُدماً نحو مستقبل مُشرق ومزدهر يُوازن بين الأصالة والتطور.