منذ سنوات؛ وحسب طبيعي عملي واهتمامي، أتابع عن كثب التطورات التي حققتها مملكة البحرين في مجال العدالة وحقوق الإنسان، وهي تطورات واضحة للعيان، فلا يسعني إلا أن أشعر بالفخر والاعتزاز، كون هذه الإنجازات ليست وليدة الصدفة، بل هي نتاج رؤية سامية لجلالة الملك المعظم، تدرك أهمية الحفاظ على الكرامة الإنسانية كركيزة أساسية لأي مجتمع مزدهر.

ومن أبرز ما يبرز هذا الالتزام، وحدة التحقيقات الخاصة، التي أجدها مثالاً حياً على كيف يمكن للمؤسسات أن تكون أكثر من مجرد جهات تنفيذية، بل أداة لتعزيز الثقة بين المواطن والدولة، فمن خلال الشفافية والجدية التي تتبعها الوحدة في معالجة الشكاوى والادعاءات، أصبح واضحاً أن البحرين تمضي قدماً في مسيرة تعزيز بناء منظومة عدالة متكاملة تحترم فيها حقوق الجميع.

وبحكم متابعتي للملف الحقوقي؛ تابعت الإحصاءات الأخيرة للوحدة، حيث تعاملت الوحدة مع 12 شكوى خلال الثلث الأخير من العام الماضي، واستجوبت 20 متهماً ومشتبهاً به، واستقبلت شهادات 25 شاكياً وشاهداً. ما يلفت الانتباه هنا ليس الأرقام في حد ذاتها، بل النهج الشمولي الذي تتبعه الوحدة، حيث تمت إحالة بعض الحالات إلى جهات طبية ونفسية لضمان حصول المتضررين على الدعم اللازم، حيث تعكس هذه التفاصيل روح العدالة التي تتجاوز حدود المعاقبة لتشمل أيضاً رعاية الأطراف المتضررة.

ومن القضايا التي استوقفتني؛ صدور حكم قضائي بحبس أحد أفراد الأمن العام بعد إثبات تورطه، وهو دليل قاطع على أن المساءلة في البحرين ليست شعارات أو بهرجة إعلامية، ولكن الأهم من ذلك أن هذه الإجراءات ليست استثنائية، بل تأتي ضمن سلسلة خطوات تؤكد حرص المملكة على تعزيز سيادة القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب.

وليس هذا فحسب، بل إن الحرص على تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان يمتد إلى تنظيم الفعاليات الدولية التي تسلط الضوء على تجاربها وتبادل الخبرات مع الدول والمنظمات الأخرى، وقد كانت الجلسة النقاشية التي نظمتها وحدة التحقيقات الخاصة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ديسمبر الماضي هي مثال آخر على الجهود المبذولة لتعزيز الوعي وتطوير القدرات في هذا المجال الحيوي.

بالنسبة لي، أكثر ما يميز التجربة البحرينية هو التوازن الرائع بين تحديث التشريعات الوطنية والالتزام بالمعايير الدولية، هذا المزج بين المحلي والعالمي يضع البحرين في مكانة متقدمة كدولة تتبنى العدالة كمنهج حياة، وليس مجرد منظومة قانونية.

في الختام، وأنا أتابع ما تقدمه وحدة التحقيقات الخاصة، أرى فيها نموذجاً لما يمكن أن تكون عليه المؤسسات التي تعمل لتحقيق العدالة، لتخرج من كونها جهة لتلقي الشكاوى وتتحول إلى تجسيد حي لرؤية قيادة تستشرف المستقبل، وتضع الإنسان وكرامته في صميم أولوياتها.