«غوغل» تعقد الاجتماعات أثناء نشاط المشي..
قال الأمين المالي في جمعية أصدقاء الصحة د. أحمد حسين إن قطاعات الرياضة شهدت في عصرنا الحديث تنوعاً وازدهاراً منقطع النظير، وتطورت في المحافل الدولية والوطنية، حيث تم تضمين دور الرياضة والأنشطة البدنية بمختلف أوجه الحياة. وأضاف «بالنظر للرياضة والأنشطة البدنية في العصور السابقة نستشعر أثرها في تكوين طبيعة الحضارات في ذلك الزمن وخصوصاً العصور القديمة منذ عهد الفراعنة، حيث كانت ممارسة رياضة الصيد وفنون القتال والرقص لها طابعاً فريداً وموثقاً على سطح الأرض مما يعكس بمهارة حضارة مصر القديمة.
وعرفت كذلك الحضارة اليونانية بالنواة لنشأة الألعاب الأولمبية، وما تم استلهامه من ممارسة الركض لصيد الفرائس أو الوثب العالي لتجاوز الآثار البركانية. وفي العصور الوسطى نالت رياضة الفروسية اهتماماً واسعاً بين العرب، حيث تم إنشاء الميادين الخاصة بها للسباق والتعلم».
وتابع « بالرغم من تطور الاهتمام بالمجالات الرياضية في وقتنا الحالي، إلا أنه يوجد العديد من المتغيرات بأسلوب الحياة التي قللت من فرص الحركة والتفاعل مع الطبيعة بشكل مباشر، من ذلك التطور التقني والاعتماد على الأجهزة الذكية، لذا يكمن السؤال في هل أن النشاط البدني يمثل عاملاً أساسياً لرفاهية الموظفين وخصوصاً مع تغير نمط الحياة؟».
وأوضح بأن الباحثتان كارتر واندرسين أبدتا تعمقاً في دراسة المفاهيم النظرية للرفاهية، متضمناً ذلك وجهات النظر للعديد من الفلاسفة واستنتاجهم بأنه يمكن وصف الرفاهية بعبارات واسعة جداً على أنها تجربة حياة شاملة ومتوازنة، وهي تتعلق بكيفية شعور الفرد وأداءه في الجوانب البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية والروحية.
وأكد بأن رفاهية الموظفين تعتبر مجالاً يحظى باهتمام متزايد في بيئات العمل، وبين المهتمين بصحة المجتمعات. وكجزء من الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، سعت العديد من المؤسسات إلى صياغة استراتيجية خاصة لتعزيز رفاهية الموظفين ووضعها على رأس الأولويات.
ويستند هذا التوجه على إيمانهم بالتبعات الإيجابية المحتملة للاستثمار في رفاهية الموظفين، منها تحفيز إنتاجية الموظفين، والتخفيف من التغيب عن العمل، وتعزيز مستويات الرضا والشعور النفسي الإيجابي. وبشكل عام وحسب الدراسات العلمية فإن الارتباط بين الرفاهية الذاتية والنشاط البدني إيجابي وقوي، خاصة مع ارتفاع مستويات السعادة واحترام الذات بين الأشخاص النشطين بدنياً مقارنة بالأشخاص غير النشطين.
وتشير نتائج الأبحاث إلى الآثار الإيجابية لمستويات النشاط البدني العالية على مؤشر الرفاهية والصحة النفسية وإنتاجية العمل.
وفي دراسة تُقيم العاملين في المستشفيات، وجد أن ارتفاع النشاط البدني في أوقات الترفيه كان مرتبطاً بشكل إيجابي مع سلوكيات الشراء الصحي في مكان العمل، ومؤشر الأكل الصحي، في حين أنها كانت مرتبطة سلباً بانتشار السمنة والسكري وفرط شحميات الدم.
وتؤكد هذه النتائج الدور الهام للنشاط البدني في تعزيز صحة وأداء الموظفين في أماكن العمل.
وعلى الرغم من توفر الأدلة التي تبين الآثار الإيجابية للنشاط البدني على الأفراد العاملين، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لدراسة دور النشاط البدني على الموظفين بالعديد من القطاعات، لا سيما في حال طبيعة الأعمال ذات النشاط البدني المنخفض، أو تلك الأعمال التي تعتمد على المهارات المعرفية أكثر منها البدنية.
ومن الجدير ذكره أن الكثير من المؤسسات اهتمت بالنشاط البدني للموظفين سواء من خلال إتاحة التسهيلات للاشتراك بالنوادي الصحية، أو من خلال تدشين مراكز اللياقة في مقرات العمل نفسها.
وانتهجت بعض الشركات العملاقة مثل «غوغل» أساليب مبتكرة. منها عقد الاجتماعات أثناء نشاط المشي بدلاً من الجلوس في غرف مغلقة، وكذلك منحت موظفيها دراجات هوائية مجانية للذهاب للعمل.
لذا يمكن الاستنتاج من خلال نافذة التاريخ، ومن خلال مختبرات البحث العلمي لوقتنا المعاصر أهمية التشجيع والتحفيز لأفراد المجتمع على ممارسة الأنشطة البدنية، والتوجه نحو بناء ثقافة اللياقة الصحية داخل مؤسسات العمل، وخصوصاً مع وجود توجهات وطنية حقيقية وداعمة تهتم وتحرص على ازدهار الرياضة وتفوقها بمختلف الأصعدة والمحافل.