بيروت - (أ ف ب): قتل 8 أشخاص وأصيب 12 آخرون في مواجهات مجموعات سياسية مسلحة في لبنان على خلفية اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن في تفجير سيارة مفخخة في منطقة الأشرفية شرق بيروت، بينما شهدت العاصمة مواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين، في حين أكدت المعارضة تمسكها بموقفها الداعي إلى إسقاط الحكومة التي تتهمها بالصمت عن مقتل قادة لبنانيين على أيدي النظام السوري. في غضون ذلك، شدد الجيش اللبناني على أن البلاد في أزمة ما يستوجب أن يتصرف بحزم وقوة للعابثين بأمن المواطنين والمعتدين على قوى الجيش مهما كان انتماؤهم». وأضاف الجيش أنه سيتخذ «تدابير حازمة، لاسيما في المناطق التي تشهد احتكاكات طائفية ومذهبية متصاعدة، وذلك منعاً لتحويل لبنان مجدداً إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية». في المقابل، شهدت الساعات الماضية تحركاً دبلوماسياً دولياً في اتجاه لبنان ركز على أهمية «استمرارية العمل الحكومي والمؤسسات» من أجل حفظ الاستقرار في البلاد. وسجل تبادل إطلاق نار كثيف بين الجيش اللبناني ومسلحين في منطقتي قصقص وشاتيلا ذات الغالبية السنية غرب بيروت، بحسب ما أفادت تقارير، ما أدى إلى مقتل شخص، بحسب الجيش، بينما قتل 7 أشخاص في طرابلس. وتعرض الجيش لإطلاق نار خلال محاولته فتح طرق قطعها مسلحون بالعوائق وحاويات النفايات في مناطق قريبة من منطقة الطريق الجديدة، معقل الزعيم السني سعد الحريري، أبرز أركان المعارضة. فرد على النار بالمثل. وذكر بيان صادر عن قيادة الجيش أن مطلقي النار كانا فلسطينيين قتل أحدهما في الرد. وأشارت تقارير إلى إقدام مسلحين غطى بعضهم وجهه بأقنعة سوداء أو زيتية اللون وقالوا إنهم من تيار «المستقبل» الذي يتزعمه الحريري، على قطع طرق في مناطق قصقص والكولا وكورنيش المزرعة القريبة من الطريق الجديدة. وذكروا في جولة لاحقة على هذه المناطق أن المسلحين تواروا وأن الجيش منتشر ويسير دوريات. وشددت قيادة الجيش على أن «الوحدات العسكرية ستتصدى بكل حزم وقوة للعابثين بأمن المواطنين والمعتدين على قوى الجيش مهما كان انتماؤهم». وكانت قيادة الجيش أصدرت بياناً في وقت سابق أعلنت فيه «تمسكها بدورها في قمع الإخلال بالأمن وفي حفظ السلم الأهلي»، مشيرة إلى أن «التطورات التي حصلت في الساعات الأخيرة أثبتت بلا شك أن الوطن يمر بلحظات مصيرية حرجة، وأن نسبة الاحتقان في بعض المناطق ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة». ودعت القيادة «جميع المواطنين على تنوع انتماءاتهم في مختلف المناطق اللبنانية إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية، وعدم ترك الانفعالات تتحكم بالوضع والمبادرة إلى إخلاء الشوارع وفتح الطرق التي لاتزال مقطوعة». وقالت إن الجيش سيتخذ «تدابير حازمة، لاسيما في المناطق التي تشهد احتكاكات طائفية ومذهبية متصاعدة، وذلك منعاً لتحويل لبنان مجدداً إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية». وتقع المناطق السنية التي تشهد توتراً في بيروت والمؤيدة إجمالاً للمعارضة المناهضة للنظام السوري على تماس مع مناطق أخرى شيعية متعاطفة مع النظام السوري بشكل عام. وشهدت هذه المناطق في 2008 مواجهات دامية بين أنصار الحريري وحزب الله الشيعي. وأوضح مصدر أمني أن الظهور المسلح والحوادث الأمنية التي حصلت خلال الساعات الماضية في بيروت ومناطق سنية أخرى ناتجة من «ردود فعل تقوم بها مجموعات تحظى بغطاء سياسي معين» بعد مقتل رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن. وفي طرابلس، بلغ عدد القتلى في الاشتباكات الدائرة بتقطع بين منطقتي جبل محسن ذات الغالبية العلوية وباب التبانة ذات الغالبية السنية 7، شاب وامرأة علويان و5 رجال سنة، بحسب مصدر أمني، إضافةً إلى 12 جريحاً أحدهم في حال خطرة، وبينهم 3 عناصر من الجيش الذي يعزز مواقعه في المناطق المتوترة. ولم يعلق حزب الله خلال الساعات الماضية على التطورات الأمنية ولا على مطالبة المعارضة للحكومة التي يشكل الحزب مع حلفائه أكثرية فيها، بالاستقالة. وكان تشييع الحسن وسط بيروت تحول إلى تظاهرة شعبية صاخبة طالبت بإسقاط الحكومة، وانتهت بمحاولة متظاهرين اقتحام السراي الحكومي. وعلى الإثر وجه سعد الحريري نداء إلى أنصاره للانسحاب من الشوارع. إلا أن اعتصاماً لشبان من كل أحزاب قوى 14 آذار المعارضة لايزال قائماً قرب السراي منذ السبت الماضي. وقد تم نصب خيم في المكان. كما نصبت خيمتا اعتصام على مقربة من منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في طرابلس الليلة الماضية للمطالبة باستقالته. ورد ميقاتي على مطلب المعارضة بالقول إنه ليس متمسكاً بمنصبه، لكنه علق أي قرار حول الاستقالة على مشاورات وطنية يجريها رئيس الجمهورية مع الأطراف السياسيين حول الموضوع الحكومي. وأكد سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان بعد اجتماعهم مع سليمان، دعمهم للاستقرار واستمرار العمل الحكومي. وفي باريس، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند القوى السياسية اللبنانية إلى «الوحدة والتضامن والمسؤولية» إثر الأحداث الأخيرة. وفي رد غير مباشر على الانطباع السائد بأن الدول الغربية غير متحمسة لأي تغيير حكومي في لبنان، أكد سعد الحريري تصميمه على الاستمرار في معركته. وذكر بيان صدر عن مكتبه الإعلامي أن الحريري تلقى اتصالات هاتفية من وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذين قدموا له التعازي بالحسن. وقال البيان إن الحريري شدد خلال هذه الاتصالات «على أن الشعب اللبناني يقوم بتحرك مدني ديمقراطي سلمي لإسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي»، وإن قوى 14 آذار «ستبقى مقاطعة للحكومة حتى رحيلها لأنها نتاج المحور السوري الإيراني وتعمل لتحقيق مصالحه ونفوذه على حساب مصالح لبنان وشعبه وأمنه». وكان ميقاتي تلقى بدوره اتصالات من كلينتون وفابيوس.