تزامناً مع احتفالات مملكة البحرين بالذكرى الرابعة العشرين لإقرار ميثاق العمل الوطني، تبرز إنجازات المملكة من خلال استراتيجيات ناجحة يتمّ تنفيذها على أرض الواقع على مدار نحو ربع قرن، حيث يُعدّ اهتمام المملكة بالخدمات الصحية والطبية من أبرز الأولويات التي تضمّنها ميثاق العمل الوطني، في ظلّ المسيرة التنموية الشاملة، ومن خلال تحقيق آمال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم، وبتوجيه ومتابعة حثيثة وحكيمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه.

ولعلّ أحدث تلك الإنجازات نجاح مملكة البحرين في استكمال علاج أول مريض بفقر الدم المنجلي على مستوى العالم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية عبر تقنية زراعة النخاع باستخدام التعديل الجيني "كريسبر"، وهذا ما يؤكد ريادة البحرين في تقديم كافة الخدمات الطبية والعلاجية عبر أحدث التقنيات الدولية والعالمية.

إن الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى وحدة زراعة النخاع بمركز الخدمات الطبية الملكية-مركز البحرين للأورام، واطمئنان سموه على صحة مريض فقر الدم المنجلي الذي استكمل مراحل علاجه، عبر تقنية زراعة النخاع باستخدام التعديل الجيني "كريسبر" ليكون أول شخص على مستوى العالم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية والإعلان عن تلقيه العلاج بنجاح، وتهنئة سموه له باستكمال علاجه بنجاح، ترسّخ للأجيال مدى اهتمام القيادة الرشيدة بكلّ من يعيش على تلك الأرض الطيبة المباركة، ومدى حرص البحرين على تعزيز وحماية حقوق الإنسان، التي أحد أولوياتها الاهتمام بالجانب الصحي والطبي.

في الوقت ذاته، يقف وراء هذا الإنجاز التاريخي كوادر وطنية تتميّز بالكفاءة والابتكار وتطبيق التكنولوجيا على أعلى مستوى، وهنا لابد من الإشارة إلى جهود الخدمات الطبية الملكية بقيادة العميد طبيب الشيخ فهد بن خليفة بن سلمان آل خليفة، قائد الخدمات الطبية الملكية، إضافة إلى ما يقدّمه مركز البحرين للأورام، والذي يتمّ تصنيفه على أنه من أبرز المراكز المتخصّصة في تقديم الخدمات الشاملة لمرضى السرطان في مملكة البحرين.

إن هذا الابتكار الجديد، والذي من خلاله يسمح بتوفير علاجات تحولية للمرضى الذين يعانون من أمراض كفقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا، يطرح العديد من التحليلات التي تؤكد ريادة البحرين وابتكارها لأنواع مختلفة من العلاجات، خاصة وأن ذلك يتمّ عبر جهود كبيرة وتنسيق متميّز ما بين وزارة الصحة، والخدمات الطبية الملكية، ومركز البحرين للأورام، والمستشفيات الحكومية والهيئة الوطنية لتنظيم المِهَن والخدمات الصحية، حيث كُلِّل هذا النجاح بالإعلان عن مغادرة المريض بفقر الدم المنجلي المستشفى بعد استكمال تلقّيه العلاج ليكون أول شخص على مستوى العالم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية يُعلن عن تلقيه العلاج بنجاح.

ليس هذا فحسب، بل إنّ حرص البحرين على تعزيز أوجه التعاون والتنسيق مع المؤسسات والمنظمات الطبية العالمية المتخصّصة، ومواكبة آخر الممارسات والتطورات العلمية في المجال الصحي، يُكلّل جهود المملكة في تقديم أفضل وأحدث الخدمات الصحية والعلاجية للمواطنين، وهو ما يُعدّ أحد مكتسبات ميثاق العمل الوطني.

إن البحرين سوف تظلّ تنهل من مكتسبات ميثاق العمل الوطني خاصة وأن ذلك يُعدّ لحظة تاريخية فارقة في تاريخ المملكة استطاع من خلاله أبناء البحرين أن يبذلوا الغالي والنفيس من أجل المسيرة التنموية الشاملة، وكي تنعم المملكة بالأمن والأمان والازدهار والتطوّر جيلاً بعد جيل.