في مشهد مأساوي يكشف عن واحدة من أخطر المشكلات التي نعاني منها في البحرين، شهدت منطقة عراد، قبل ما يزيد عن الأسبوع، انفجاراً مروعاً بسبب تسرب غاز في مبنى قديم، ما أدى إلى انهياره بالكامل ووفاة شخصين.
لم يكن هذا المبنى مجرد سكن للعمال؛ بل احتوى أيضاً مجموعة من المحلات التجارية، وهو ما يعكس واقعاً متكرراً في العديد من المناطق القديمة بالمملكة، حيث تستغل المباني المتهالكة لإسكان أعداد كبيرة من العمال دون أي مراعاة لمعايير السلامة والأمن.
ولأن الحادث في عراد ليس الأول من نوعه؛ فقد وجب تعليق جرس الإنذار، حيث سبقه العديد من الحوادث المشابهة، خصوصاً في المنامة، حيث تنتشر المباني القديمة والمكتظة بالسكان.
ولن أطيل هنا في استعراض هذه الحوادث، ولكن ذاكرتي تعود إلى عام 2022، حيث شهد السوق القديم حريقاً هائلاً، أسفر عن عدد من القتلى بسبب غياب مخارج الطوارئ وسوء التهوية. كما شهدت المنطقة نفسها في عام 2018 حادثة أخرى، حين انهار أحد المباني السكنية التي تؤوي العشرات، بعد أن تجاهل مالك العقار التحذيرات بشأن خطورة وضعه الإنشائي.
وفي حادثة أخرى لا تقل خطورة؛ اندلع حريق في أحد المباني التجارية القديمة بمنطقة الحورة، ما أدى إلى إجلاء العشرات من السكان وإصابة عدة أشخاص بحروق واختناقات. هذا النمط المتكرر من الحوادث يكشف عن إشكالية حقيقية تتعلق بالإهمال وعدم الالتزام بمعايير السلامة في هذه المباني التي تحولت إلى قنابل موقوتة وسط الأحياء السكنية.
كثير من هذه المباني تستغل بشكل غير قانوني من قبل ملاكها، حيث يتم تأجيرها لسكن العمالة الوافدة بأعداد تفوق طاقتها الاستيعابية، في ظل ضعف الرقابة الميدانية من الجهات المعنية. المباني المتهالكة في المناطق القديمة، مثل المنامة والمحرق وغيرهما من المناطق، باتت بؤراً خطيرة تهدد حياة سكانها، إذ تفتقر إلى أدنى معايير الأمن والسلامة، سواء من حيث التمديدات الكهربائية أو أنظمة التهوية أو حتى وجود مخارج طوارئ ملائمة.
وفي ظل تكرار هذه الحوادث؛ فمن الضروري أن تقوم الجهات المعنية، وعلى رأسها الدفاع المدني والبلديات، اتخاذ إجراءات أكثر صرامة عبر تكثيف حملات التفتيش على المباني القديمة والتأكد من صلاحيتها للاستخدام سواءً السكني أو التجاري، واتخاذ إجراءات رادعة بحق الملاك الذين يؤجرون مباني غير مطابقة لمعايير السلامة.
إلى جانب ذلك؛ من المهم إطلاق برامج لإعادة تأهيل المباني القديمة أو إلزام أصحابها بصيانتها الدورية، وإيجاد حلول إسكانية بديلة للعمالة الوافدة لتقليل الضغط على هذه المناطق المكتظة.
ما حدث في عراد يجب أن يكون جرس إنذار حقيقي يدفع نحو اتخاذ إجراءات جذرية، فهذه المباني تشكل خطراً على المجتمع، فهل سيكون هذا الحادث الأليم آخر الفصول، أم سننتظر فاجعة جديدة لنكرر نفس التساؤلات دون أي حلول حقيقية؟