إعداد: د. فاطمة عبدالله - استشارية المخ والأعصاب - عضو جمعية أصدقاء الصحة


لقد تمّت دراسة الصيام، وخاصة الصيام المتقطع، لمعرفة تأثيراته المحتملة على خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والتعافي منها. تشير الأبحاث إلى أن الصيام المتقطع قد يوفر فوائد عصبية وقائية، مثل تقليل الالتهاب والإجهاد التأكسدي، وهما عاملان حاسمان في السكتة الدماغية. على سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت في مجلة Stroke أن الصيام المتقطع يحسّن التعافي الحركي والإدراكي بعد السكتة الدماغية في نماذج القوارض من خلال تقليل حجم الاحتشاء (الجلطة) والالتهاب.

بالإضافة إلى ذلك، ارتبط الصيام المتقطع بتحسين الصحة الأيضية، بما في ذلك تحسين تحمل الجلوكوز وتنظيم ضغط الدم، وتحسين مستويات الدهون في الدم، وهي من عوامل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. وقد أبرزت مراجعة في Frontiers in Neurology أن الصيام المتقطع ينشط الجينات التي تعزّز المرونة والتجدّد والحماية العصبية، في حين يقمع الجينات المؤيدة للالتهابات والأكسدة.

ومع ذلك، فإن تأثيرات الصيام على خطر الإصابة بالسكتة الدماغية معقدة وقد تختلف بناءً على الظروف الصحية الفردية. لم تجد دراسة فحصت صيام رمضان أي فرق كبير في حالات دخول المستشفى بسبب السكتة الدماغية خلال فترة الصيام مقارنة بالأشهر التي لا يصوم فيها الشخص.

وعلى العكس من ذلك، أفادت دراسة أخرى بأن الصيام لفترات طويلة قد يزيد من خطر الإصابة بجلطات الجيب الوريدي الدماغي وهو نوع نادر من السكتات الدماغية للأشخاص المعرضين.

لذلك، مثل أولئك الذين يعانون من حالات فرط التخثر والنساء اللاتي يتناولن حبوب منع الحمل عن طريق الفم.

الحذر عند المرضى الذين تعرضوا للسكتة الدماغية:

* انخفاض السكر في الدم: قد يسبب الصيام انخفاضاً حاداً في مستويات السكر في الدم، خاصة إذا كان الشخص يتناول أدوية لخفض السكر (مثل الأنسولين). قد يكون هذا خطراً ويجب مراقبته بعناية.

* تفاعلات الأدوية: قد يتداخل الصيام مع الأدوية التي تستخدم لخفض ضغط الدم أو الكولسترول أو السكر في الدم. من المهم أن يتم مناقشة أي نظام صيام مع الطبيب لتجنب حدوث مضاعفات.

هل يمكن لمريض السكتة الدماغية الصيام؟

نعم، يمكن لمرضى السكتة الدماغية الصيام، لكن ذلك يعتمد على عدة عوامل مثل حالتهم الصحية، ونوع السكتة الدماغية التي تعرضوا لها، ومرحلة تعافيهم الحالية، وأي ظروف صحية أخرى كامنة. قد يكون الصيام ضاراً إذا لم تكن حالة المريض مستقرة أو إذا كان يواجه صعوبة في إدارة احتياجاته الغذائية.

قبل البدء في أي نظام صيام، من الضروري أن يستشير الناجون من السكتة الدماغية مقدم الرعاية الصحية. سيحتاجون إلى تقييم قدرة المريض على تحمّل الصيام والتأكد من أنه لن يتعارض مع أدويتهم أو عملية التعافي.

في بعض الحالات، قد يُنصح بالصيام المتقطع الخاضع للرقابة، ولكن فقط تحت إشراف طبي. يجب أن ينصبّ التركيز على الحفاظ على التغذية الكافية والترطيب لدعم الدماغ والجسم أثناء فترة التعافي.

نصائح لصيام آمن لمرضى الجلطات الدماغية المستقرين:

1. استشارة الطبيب قبل اتخاذ قرار الصيام لتعديل مواعيد الأدوية، خاصة أدوية السيولة والضغط.

2. شرب كمية كافية من الماء بين الإفطار والسحور للحفاظ على سيولة الدم ومنع الجفاف، مما يقلّل من خطر تكوّن جلطات جديدة.

3. تناول أطعمة غنية بالبوتاسيوم والمغنيسيوم (مثل الخضروات الورقية والمكسرات) لدعم صحة الأوعية الدموية.

4. التحكم في ضغط الدم من خلال تقليل استهلاك الملح وتجنّب الأطعمة المصنعة والمقلية.

5. تناول وجبة سحور متوازنة تحتوي على الكربوهيدرات المعقدة (مثل الشوفان وخبز القمح الكامل) والبروتينات للحفاظ على استقرار الطاقة خلال اليوم.

6. تجنّب الجلوس لفترات طويلة، وممارسة المشي الخفيف بعد الإفطار لتحسين الدورة الدموية.

7. مراقبة الأعراض الخطيرة: إذا شعر المريض بتنميل، ضعف مفاجئ، صداع شديد، أو اضطرابات في الرؤية، يجب الإفطار فوراً وطلب المساعدة الطبية.

وختاماً، يمكن أن يكون للصيام، تأثيرات إيجابية على مستويات السكر في الدم، وضغط الدم، وملف الدهون، وهي عوامل مرتبطة مباشرةً بالوقاية من السكتة الدماغية والتعافي منها. ولكن يجب اتباع ذلك بحذر، خاصة بالنسبة للمرضى الذين تعرّضوا للسكتة الدماغية بشأن الترطيب، والتغذية، وضبط الأدوية. أما المرضى الذين لديهم مخاطر عالية لتكرار الجلطة، فقد يكون الصيام غير آمن ويجب عليهم اتباع نصائح الطبيب.