عواصم - (وكالات): يقف نظام آية الله روح الله الخميني في قفص الاتهام منذ أمس الأول في لاهاي أمام محكمة دولية غير رسمية تشكلت بمبادرة من ضحايا جرائم ارتكبت في الثمانينات في أعقاب الثورة في إيران سعياً لتسليط الضوء على تصفيات تجاهلها القضاء الدولي.ويشارك قضاة ومحامون شهيرون في جلسات المحكمة التي لا تتمتع بأي صلاحية قضائية رسمية من أجل محاكمة المسؤولين المتهمين بإعدام عشرات آلاف المعارضين السياسيين على أمل أن تحمل هذه المحاكمة الأمم المتحدة على تشكيل لجنة للتحقيق في عمليات تصفية أكثر من 20 ألف شخص لم يعاقب أحد عليها منذ 25 عاماً. ويندد الضحايا في هذه المحاكمة بتغاضي القانون الدولي، وقال جيفري نايس عضو الاتهام في المحكمة من أجل إيران والمدعي العام السابق أمام المحكمة الجنائية ليوغوسلافيا السابقة إن "العالم لا يحقق في ما لا يريد التحقيق فيه”. وقال نايس "الأهم هو أن نترك أثراً لما حصل” مشيراً إلى أن المحكمة تأمل أيضاً في لفت انتباه الأسرة الدولية والدفع نحو اتخاذ مبادرات في اتجاه عدالة حقيقية. وقال "ما نريده هو إرغام الأمم المتحدة على تشكيل لجنة تحقيق لأنه حين تقول مثل هذه اللجنة إنه "وقعت جرائم فظيعة” لا يعود بوسعهم التراجع ويصبحون ملزمين بالقيام بشيء ما”. لكنه أضاف أنه "سيتم فرض الفيتو من مجلس الأمن الدولي وتحديداً روسيا”. وقال المدعي العام في المحكمة بايام اخوان إن أكثر من 20 ألف معتقل سياسي من رجال ونساء وأولاد قصر أعدموا خلال الثمانينات في السجون الإيرانية بعد تولي آية الله الخميني السلطة بعد الثورة عام 1979 التي أسقطت نظام الشاه. وقال اخوان "في عام 1988 تم إعدام أكثر من خمسة آلاف معتقل سياسي خلال فترة قصيرة في جميع أنحاء البلاد. إنها سريبرينيتسا إيران، لكن أحداً لا يحقق في الموضوع رغم أن الكثير من العائلات والضحايا لايزالون يعانون ولا يمكنهم أن ينسوا ما حصل حتى بعد مضي كل هذا الوقت”، في إشارة إلى أسوأ مجزرة ارتكبت في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية حين قتلت قوات صرب البوسنة 8 آلاف شخص. ومثل الشهود الأوائل أمس الأول وبينهم مهدي الشوق الذي روى أنه شهد من زنزانته إعدام 44 شخصاً بينهم فتى في الخامسة عشرة من العمر خلال ليلة واحدة عام 1981. وقال الشوق الذي اعتقل بين 1981 و1983 "كان هناك ستون وسيلة تعذيب مختلفة، كانوا يستخدمون كل ما يمكن أن يخطر لهم لتعذيبنا”. وقال نايس إن عدم تحرك القضاء الدولي ناجم عن "اعتبارات سياسية” وفي حال إيران تحديداً عن امتلاكه النفط. وأوضحت المحكمة أنها أقيمت بفضل مساهمات من أقرباء ضحايا أو ناجين يقيمون في المنفى مشيرة إلى أنها دعت النظام الإيراني لحضور الجلسات غير أنه رفض. وإن كانت إيران تقر بتنفيذ إعدامات بعد الثورة، إلا أنها تؤكد أنها كانت مشروعة تماماً بموجب القانون الدولي. ومن المقرر أن يدلي 19 شخصاً بشهاداتهم خلال الجلسات التي تستمر حتى اليوم قبل أن يصدر القضاة حكمهم غير القابل للتنفيذ بعد ظهر اليوم. من جانب آخر، منح البرلمان الأوروبي أمس جائزة ساخاروف التي توازي جائزة نوبل للسلام على المستوى الأوروبي، إلى المخرج الإيراني جعفر بناهي والمحامية الإيرانية نسرين ستوده اللذين صدرت بحقهما أحكام قاسية بالسجن في إيران. وتأتي هذه الخطوة في وقت شدد فيه الاتحاد الأوروبي عقوباته على طهران. وأعلن رئيس البرلمان مارتن شولتز أمام النواب في ستراسبورغ أن قرار رؤساء الكتل السياسية في البرلمان منح هذه الجائزة للمعارضين الإيرانيين يجب أن يترجم على أنه "رفض واضح للنظام الإيراني الذي لا يحترم أياً من الحريات الأساسية”. وأضاف النائب الاجتماعي الديمقراطي الألماني "أردنا عبر ذلك التعبير عن إعجابنا بامرأة ورجل قاوما الترهيب الذي يتعرض له الإيرانيون” مؤكداً أنهما "وضعا مصير البلاد فوق أمنهما الشخصي”. وجائزة ساخاروف لحرية الرأي التي ستسلم رسمياً في 12 ديسمبر المقبل خلال حفل في ستراسبورغ، تكافئ سنوياً شخصية مدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية وقيمتها 50 ألف يورو. والعام الماضي منحت هذه الجائزة لناشطين في الربيع العربي. وقال شولتز "أدعو السلطات الإيرانية إلى أن تفعل كل ما هو ممكن لكي يتمكن جعفر بناهي ونسرين ستوده من المجيء لتسلم هذه الجائزة”. ونسرين ستوده تقضي عقوبتها بالسجن في حين أن جعفر بناهي قيد الإقامة الجبرية. وجعفر بناهي المعروف بانتقاداته الاجتماعية الحادة يعتبر من سينمائيي "الجيل الجديد” الإيراني المعروفين أكثر في الخارج حيث نال عدة جوائز في مهرجانات كبرى. وأوقف أثناء إعداده لفيلم حول التظاهرات الاحتجاجية على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في يونيو 2009. ووضع بناهي في الإقامة الجبرية في طهران، وحكم عليه في أكتوبر 2011 بالسجن 6 سنوات ومنع لعشرين عاماً من التصوير أو السفر أو التعبير عن رأيه رغم التعبئة الدولية لصالح قضيته. وهو لايزال حراً. وأعرب رئيس مهرجان كان جيل جاكوب عن "ارتياحه الكبير” معتبراً أن هذه الجائزة "ترسخ معركة” السينمائي الإيراني. أما نسرين ستوده فتولت الدفاع عن معارضي النظام الإيراني. وحكم عليها في يناير 2011 بالسجن 11 عاماً وكذلك بمنعها 20 سنة من ممارسة مهنة المحاماة أو مغادرة إيران بسبب "أعمال ضد الأمن القومي والدعاية ضد النظام والانتماء إلى مركز المدافعين عن حقوق الإنسان” الإيراني الذي أسسته شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل للسلام. وتقرر منح الجائزة للمعارضين الإيرانيين بدلاً من مغنيات فرقة بوسي رايوت الروسية الثلاث أو المنشق البيلاروسي اليس بلياتسكي. ويأتي قرار النواب الأوروبيين منح الجائزة للمعارضين الإيرانيين في حين شدد الاتحاد الأوروبي العقوبات المالية والتجارية المفروضة على إيران. ويأتي أيضاً عشية زيارة مثيرة للجدل يقوم بها لإيران وفد من 5 نواب أوروبيين من اليسار وأنصار البيئة تندرج بحسب المروجين لها في "شق المقاربة الأوروبية المزدوجة حيال إيران التي تعتمد الحوار والعقوبات”. من ناحية أخرى، كشفت صحيفة "الغارديان” البريطانية أمس أن بريطانيا رفضت مناشدات الولايات المتحدة لاستخدام القواعد العسكرية في المملكة المتحدة لدعم الاستعدادات العسكرية في الخليج، استناداً إلى مشورة قانونية اعتبرت أن أي ضربة وقائية ضد إيران يمكن أن تشكل خرقاً للقانون الدولي.وقالت الصحيفة إن دبلوماسيين أمريكيين ضغطوا أيضاً لاستخدام القواعد البريطانية في قبرص، والسماح لمقاتلاتهم بالانطلاق من القواعد الأمريكية في جزيرتي أسنسيون ودييغو غارسيا في المحيط الهندي التابعتين للأراضي البريطانية.