أهمية الأقمار الصناعية تكمن في الخدمات الثمينة المتعددة التي تقدمها للبشرية، فمن خلالها تم تحسين مستوى وجودة البث سواء التلفزيوني أو الإذاعي وإيصالهما إلى كل بقاع الأرض وكذلك ربط العالم تلفونياً وهو أمر كان مكلفاً للغاية باستخدام الخطوط التقليدية التي كانت تمرر عبر البحار والمحيطات. كما تسهم الأقمار الصناعية في تطوير القطاع الزراعي، فهي تقدم الكشوفات الدقيقة حول التربة وجودتها وبذلك توفر للمزارع معلومات مهمة لتحسين صحة التربة والمنتجات الزراعية. كما توفر أحدث الخرائط لنظام تحديد المواقع العالمي GPS هذا بالإضافة إلى رصدها للتقلبات الجوية. ليس ذلك فحسب، فهي إحدى أهم أدوات الاستخبارات على الإطلاق وتستخدم في عمليات التجسس ومراقبة الأعداء.
لذلك فإن وصول البحرين إلى الفضاء عبر إطلاق القمر الصناعي (المنذر) في 15 مارس 2025 يعد خطوة تاريخية تضعها في مصاف الدول التي سبق ونجحت في امتلاك أقمار صناعية خاصة بها. وهذا الإنجاز الكبير لم يأت صدفة، بل هو نتاج سنوات من التخطيط المدروس والتعاون مع أهم الجهات المختصة في علوم الفضاء مثل وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا). وقد أثبتت تجربة (المنذر) قدرة أبناء هذا البلد الصغير في تبني أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا وتوظيفها لتصميم آلة حديثة ومتطورة مثل القمر الصناعي، فالمنذر تم تصميمه وتطويره عن طريق كفاءات بحرينية شابة متخصصة في هندسة الفضاء.
وكما تناقلت وسائل الإعلام المحلية، فإن نجاح تجربة (المنذر) كانت نتيجة تكاتف جهود عدة جهات أبرزها قوة دفاع البحرين التي وفرت البنية التحتية للمحطة الأرضية وهي مركز التحكم للقمر الصناعي. وكان لكل من وزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة الإعلام ومركز الاتصال الوطني ووزارة المواصلات وهيئة تنظيم الاتصالات أدواراً متعددة في مشوار تجهيز (المنذر) قبيل إطلاقه هذا بالإضافة إلى دور مهم لعدد من الشركات الناشئة في البحرين في تصميم بعض مكونات القمر الصناعي الأمر الذي يؤكد قدرة القطاع الخاص المحلي على تلبية متطلبات تطوير التكنولوجيات الحديثة.
وبمناسبة هذا الإنجاز الجديد الذي يأتي عبر بوابة العلم والتكنولوجيا نتوجه بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى قيادة البحرين الحكيمة التي لم تأل جهداً في دعم العلم والابتكار والاهتمام بتطوير منظومة التعليم وتوفير البعثات التعليمية لأفضل الجامعات في العالم للطلبة المتميزين وتبني الكفاءات الوطنية وتدريبها وتسخير كافة الإمكانيات لها لتحقيق التقدم العلمي المنشود.
كما نشكر رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء الأخ العزيز الشيخ خالد بن علي بن جابر آل خليفة وكافة الأعضاء في مجلس الإدارة، وفي الجهاز التنفيذي للهيئة على عملهم الدؤوب واجتهادهم في تطوير أول قمر صناعي بحريني، والذي يعد عنواناً للتميز ودليلاً للتفوق العلمي وامتلاك الخبرات الوطنية القادرة على مواكبة كل مستجدات العصر.