يمثّل شهر رمضان المبارك للأمة الإسلامية المدرسة الروحانية التي تمتاز بمنهج عظيم، إنه القريب من قلوبنا والذي يسعد أرواحنا ونشتاق إليه لنستقي منه ونستخلص الدروس القيمة التي تحرك النفس طوال العام، إنها المحرك الأقوى والمؤثر في الحياة البشرية بشكل محفز وإيجابي. لعلنا نذكر البعض منها، حيث رمضان يتميز ببساطته وروحانيته التي تعطي الروح المعنوية العالية التي يحرص الناس على أداء العبادات بشكل مكثف والتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى بشكل أكبر. ومنها يبدؤون الترتيب له قبل حلوله بأيام، حيث يقومون بتجهيز وتنظيف المساجد ودُور العبادة والمنازل، استعداداً لقدوم هذا الضيف الكريم، كما يقوم الناس بتجهيز المستلزمات الرمضانية.في رمضان هناك وجبتان رئيسيتان وهما الإفطار والسحور، أما وجبة الإفطار فهي بسيطة وتتكون من التمر والماء وأكلات بسيطة يكسر بها الإنسان صيامه، وأما عن وجبة السحور فهي تتكون من الأطعمة الخفيفة مثل الخبز واللبن والتميرات وما شابه ذلك.وفي هذا الشهر الفضيل يحرص الناس على أداء جميع العبادات بجد واجتهاد لأن في ذلك الشهر تُضاعف الأجور ويكون لصلاة التراويح والقيام مكانةً خاصة يخشع فيها المصلون، كما يكثر الناس من قراءة القرآن والذكر والدعاء لأنه شهر القرآن.شهر رمضان فرصة سامحة لإتاحة التواصل الاجتماعي الذي يقوي العلاقات العائلية، وفيه يتبادلون الزيارات والتهاني، ويجتمعون على موائد الإفطار والغبقات الرمضانية التي تشتهر بالرز المحمر والأبيض (الشيلاني) والسمك والتي تعد كوجبة سحور.رمضان يعلمنا العمل مع الله في كل لحظة، ومراقبة كل التصرفات والابتعاد عن المحرمات في السر والعلن. ويزرع فينا التعلم لمخافة الله في كل وقت وحين، والرغبة في فعل الخيرات، والابتعاد عن المنكرات، كما أنه يعلمنا الصبر على الجوع والعطش والإحساس بالفقراء والمساكين، وضبط النفس عن الشهوات، ويقوي فينا العزيمة والإرادة، ويجعلنا أكثر قدرة على تحمل المصاعب والتحديات، ويعزّز فينا روح التكافل الاجتماعي، والشعور بالمسؤولية المجتمعية تجاه الآخرين، كما أنه يعلمنا التحكم في الغضب، وعدم الانفعال، والتحلي بالحلم والصبر، ويجعلنا أكثر تسامحاً، ويخفف من الغضب والانفعالات، إنه شهر الجود والكرم، والكثير من المحسنين يخرجون زكاتهم وصدقاتهم فيه، وذلك للإحسان إلى الفقراء والمحتاجين.إنه باب مفتوح يشجع على التسامح والعفو، وتصفية القلوب، إنه الصحة الجسدية والنفسية لما له من فوائد صحية عديدة والتي تساعد على تنظيف الجسم من الهموم والسموم، وتحسن المناعة وتحصن النفس وتشعرها بالراحة والطمأنينة والاسترخاء.ومن هنا ندعو أنفسنا وندعوكم للاستمرار على الطاعات والأعمال الصالحة في شهر رمضان وبعده لأن رب رمضان رب الشهور كلها، ولنجعله نقطة انطلاق لحياة أفضل، مليئة بالخيرات الحسان والتقوى.وبمناسبة قدوم الشهر الكريم نبارك للقيادة الرشيدة وشعب البحرين الوفي وللأمة الإسلامية، وجعله الله شهراً كريماً على الجميع وأعاده علينا وعليكم بالخير والبركات، مع خالص تحياتي وتبريكاتي لكم جميعاً.
المستشار عبدالمنعم محمد العيد
Opinion
نفحات رمضان.. مدرسة روحانية
18 مارس 2025