تحتفي مملكة البحرين سنوياً بيوم الشباب البحريني، كتأكيد راسخ على أن الشباب هم القلب النابض للوطن، والطاقة الدافعة للتنمية، والعقل المفكر للغد المشرق، إنه يوم يحمل في طياته رسالة واضحة بأن الاستثمار في الشباب، هو الاستثمار في مستقبل البحرين، وأن تمكينهم اليوم هو ضمان لازدهار الوطن والمجتمع غداً.
ومنذ انطلاق المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، شهدت البحرين تحولات جذرية في تمكين الشباب، فأصبحت مشاركتهم في مختلف المجالات ركيزة أساسية في النهضة الوطنية، إذ لم تأتِ هذه الجهود من فراغ، بل كانت ثمرة رؤية سديدة تدرك أن العقول الشابة، متى ما أُحسن استثمارها، باتت وقوداً لا ينضب لنهضة المجتمعات.
ومع ذلك، فإن التساؤل الجوهري الذي يثور، هل يكفي الدعم وحده لتحقيق النجاح؟ الحقيقة أن التطور الذاتي مسؤولية فردية، لا تُهدى، بل تُكتسب، ولا تُوهب، بل تُنتزع، فمن أراد أن يكون جزءاً من مسيرة التطور، فعليه أن يبادر، ويبحث، ويصقل مهاراته ليكون نداً للمستقبل، لا تابعاً له.
لذلك فإن هذا المقال سيتضمن خطوات عملية ونصائح لكل شاب لتطوير الذات وتعزيز الفرص المستقبلية، والتي من أهمها التأكيد على أن التعليم ليس شهادة تُحمل، ولا مرحلة تُطوى، بل هو رحلة لا تنتهي في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، فيصبح التعلم المستمر سلاحاً لا غنى عنه، فالقراءة ليست ترفاً، بل ضرورة، سواء في مجال التخصص أو خارجه، فالعقول المغلقة لا تبني مستقبلاً مفتوحاً.
وفي ظل التحولات الاقتصادية، لم يعد التوظيف التقليدي هو المسار الوحيد للنجاح، إذ أصبحت ريادة الأعمال هي الطريق الأسرع نحو تحقيق الطموحات، فالبحرين، من خلال برامج التمويل والدعم الحكومي، تفتح الأبواب لرواد المستقبل، وتوفر بيئة داعمة لهم، ومن هنا يجب على الشاب البحريني البحث في مجال شغفه، ليبتكر فيه، ويطور فكرة غير مسبوقة، ثم يجعلها مشروعاً يدر النفع عليه وعلى المجتمع، دون أن ينتظر أن تأتيه الفرصة أو يكرر مشاريع تقليدية.
إضافةً إلى ما سبق، فإن المستقبل لن يكون لمن يستهلك التكنولوجيا، بل لمن يبدع فيها ويوجهها لصنع حلول جديدة، لذلك بات من الضروري على الشباب أن يتحولوا من مستخدمين إلى مبدعين، ومن متلقين إلى مؤثرين من خلال تعلم أساسيات الذكاء الاصطناعي، والبرمجة، وتحليل البيانات، إذ تعد هذه المواضيع أدوات أساسية في عالم الغد، ومن يتميز في هذا المجال سيكون له شأن كبير في المستقبل.
وفي الختام، فإن الاستثمار في الشباب البحريني يعني ضمان مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً للوطن، لكن الفرص وحدها لا تصنع النجاح، إن لم يواكب ذلك طموح واجتهاد وعزيمة، فالدولة تقدم الأرض الخصبة، لكن الزرع والسقي والاهتمام هو مسؤولية كل فرد وحده.