الوطن - خاص: أكد عضو كتلة المستقلين النائب عيسى الكوهجي أننا «نحتاج لإرادة حقيقية من أجل المصالحة الوطنية، وإذا تمكنت الطائفية فلا تلوموا إلا أنفسكم»، مشيراً إلى أن «تقرير بسيوني قاعدة صلبة يمكن أن تكون مدخلاً لإنهاء الأوضاع». وأوضح في حوار لـ»الوطن» أن «الحل مازال متاحاً وبأيدينا قبل أن تضيع الفرصة»، لافتاً إلى «عملت بشكل مكوكي لرأب الصدع، لكن حدث ما كنت أتوجس حدوثه»، مشيراً إلى أن «في وسط الفوضى قفزت رؤوس لقيادة الطائفية وصب الزيت على النار». وبين الكوهجي أن «هناك مقترحات نيابية أقرب إلى الخيال نقرها، ونعلم أنها لن تنفذ»، مضيفاً «هؤلاء سيخرجون من المجلس غداً وسيعلنون للناس أنهم اقترحوا ولكن المجلس لم يتعاون أو الحكومة لم تستجب، وكما قلت سابقاً هناك أجندات تعمل أكثر من كونها عملاً وطنياً، وهو أمر لم يعد احتماله، فعشرات المقترحات نعلم نحن النواب أنها لن ترى النور، مما يعني تعطيلاً لعمل المجلس فترى اللجان تعمل وتجتهد وتجتمع مع هذا الطرف أو ذاك ومع وزارة هنا ووزارة هناك، وهي على علم تام أن المقترح غير واقعي ولن يمرر»...وفيما يلي نص الحوار:^ كيف تقيم عمل مجلس النواب بعد مرور سنتين تقريباً على عضويتك؟- من الصعب جداً إطلاق أي حكم أو تقييم على المجلس في الوقت الراهن، ففي الوقت الذي يعبر فيه بعض المواطنين عن استيائهم من أداء المجلس، فإننا يجب أن نضع في عين الاعتبار ما ألمّ بهذا المجلس من أحداث متعاقبة ومتتالية، وحتى نكون منصفين، يجب أن نضع التقييم في ظل كافة الأحداث التي انتابت المجلس بدءاً من فبراير العام الماضي، ومروراً باستقالة كتلة الوفاق، ومن ثم حالة السلامة الوطنية، وصولاً إلى انتخابات تكميلية حتى الساعة، وبالطبع كلها أحداث يجب وضعها في عين الاعتبار، إذ نالت من وقت المجلس وجهد من بعض أعضائه. ^ بعض أعضائه؟، ألم يكن كافة النواب منشغلين بالأحداث في البحرين؟- أعتقد أن المواطنين على علم تام بمن كان منشغلاً بالأحداث ومن كان يبحث عن مكاسب، ولا أريد الخوض في تفاصيل أكثر. دغدغة مشاعر المواطنين ^ ذكرت بإحدى الجلسات تعليقاً على اقتراح نيابي أن بعض الاقتراحات ما هي إلا مزايدات ودغدغة لمشاعر المواطنين.. ماذا تعني؟- أولاً، لابد أن نعترف بأن القانون أعطى النواب حق تقديم الاقتراحات، وبالتالي هم يستخدمونها للعمل النيابي التشريعي لكن القانون نفسه لا يمكن أن يدخل في النفوس، إذ من الممكن استخدام القانون لصالح المواطن ومن الممكن أيضاً استخدامه لأمور أخرى، فعلى سبيل المثال، من السهل جداً أن أتقدم باقتراح عيدية مائة ألف دينار لكل مواطن، أو أن الحد الأدنى للأجور لا يقل عن ألفي دينار، وهو حق من حقوقي كنائب نص عليه القانون، فهل هذا واقعي ومن الممكن تحقيقه؟، خصوصاً وأن أموال المارشال قادمة في الطريق. ^ ولماذا يلجأ بعض النواب لطرح مثل هذه الاقتراحات؟- الأمر واضح، فهؤلاء سيخرجون من المجلس غداً وسيعلنون للناس أنهم اقترحوا ولكن المجلس لم يتعاون أو الحكومة لم تستجب، وكما قلت سابقاً هناك أجندات تعمل أكثر من كونها عملاً وطنياً، وهو أمر لم يعد احتماله، فعشرات الاقتراحات نعلم نحن النواب أنها لن ترى النور، مما يعني تعطيلاً لعمل المجلس، فترى اللجان تعمل وتجتهد وتجتمع مع هذا الطرف أو ذاك، ومع وزارة هنا ووزارة هناك، وهي على علم تام بأن الاقتراح غير واقعي ولن يمرر.^ ذكرت مشروع «المارشال»، كيف تعتقد أن يكون استثماره على أفضل وجه؟- لا يمكن أن يتم صرف الأموال وتفريقها دون سياسة أو خطة متوافق عليها، إذ إن الأموال من الأخوة في دول الخليج تأتي مساعدة لنهوض البلد، مما يعني أن تستثمر في البنية التحتية وفي الإنسان البحريني لا أن يتم صرفها يميناً وشمالاً، وقد يفرح الناس اليوم إذا قدمت لهم مبلغاً مالياً لكن سيفرحون أكثر إذا رأوا أن مستقبل أبنائهم أصبح في أمان من خلال الاستثمار الأمثل لهذه المبالغ.الخيار الشعبي للتطوير^ ما الذي ينقص المجلس حتى يتمكن من أداء عمله بشكل أفضل؟- يجب النظر للمسألة من بعدين أساسيين، أولهما الخيار الشعبي، إذ إن المتواجدين في المجلس ما هم إلا نتاج خيارات الناس، فإذا كان الاختيار غير موفق فالناس هم أول المتضررين، وأرى أن المجلس بحاجة للمزيد من المتخصصين وأصحاب الخبرات الاقتصادية والسياسية، وذلك بالطبع يحتاج إلى وقت، والدليل أن المجلس الحالي شهد تغييراً كبيراً في نوعية الخيار الشعبي، وهذا تطور يعقبه تطوير في السنوات المقبلة بالطبع، أما البعد الآخر، فإننا في كل يوم نكتشف حاجتنا للمزيد من الآليات التي تساعد النائب على عمله التشريعي والسياسي، بل ونكتشف حاجتنا لتعديلات قانونية وإدارية، وهو أمر طبيعي مع عملية التطوير. ^ رغم أن المجلس يعمل بأقصى إمكاناته، إلا أن رجل الشارع لا يشعر أنه يقدم له ما يتمناه..ما رأيك؟ - لا بد أولاً أن نعترف بأن هناك معاناة للمواطنين، وهو حينما يشارك باختيار من يمثله، ينتظر منه الكثير، إذ تجد أنه قد بنى آمالاً وطموحات، وفي الوقت الذي يجتهد فيه النائب لتحقيق تلك التطلعات يجد عدد من العوائق بالمجلس، سواء على مستوى زملائه واختلافهم بالرأي معه، أو على مستوى الوزراء ورفضهم التعاون معه، وهو أمر كثيراً ما اشتكينا منه نحن النواب، والأمر الآخر، ضعف التثقيف الإعلامي، إذ إن عدداً من الناس لا يعلمون ماذا نفعل وما هي معاناتنا لتحقيق تطلعاتهم، كما إن هناك لبساً كبيراًً في الاختصاص، إذ لايزال هناك خلط كبير بين العمل البلدي والعمل النيابي. ^ هل صحيح أن هناك نواباً لا يحضرون جلسات اللجان؟، وهل تؤيد نشر جداول غياب وحضور جلسات اللجان؟- أنا مع الشفافية بكافة أشكالها، بل أنا مع نشر محاضر اللجان -إلا السرية منها بالطبع-، فذلك يساهم مساهمة كبيرة في إيصال الصورة الحقيقية لعمل المجلس وعمل نوابه. إنجازات البرنامج الانتخابي^كيف ترى ما حققته حتى الآن في مجلس النواب مقارنة مع برنامجك الانتخابي؟- رغم أنني حققت الكثير من الوعود التي قدمتها في البرنامج الانتخابي، إلا أنني غير راض حتى الآن، وقد كنت أتمنى أن أحقق المزيد وهو ما أعمل من أجله حالياً، ويمكن القول إن انشغالي بالحالة الوطنية العامة ومحاولتي رأب الصدع والوقوف أمام سهام الفتنة التي أطلقها البعض أخذت مني الوقت والجهد. ^ تركز خلال عملك على منطقتك الانتخابية، هل ترى أن في ذلك تعارض مع العمل البرلماني التشريعي والرقابي؟- أبداً، فأنا أحاول أن أجمع بين الأمرين، ويمكن أن تطلع على الاقتراحات برغبة والأسئلة التي أقدمها، فهي تستهدف عملاً وطنياً واسعاً أكثر منه عملاً ضيقاً، وفي نفس الوقت أجتهد بقدر ما أستطيع من أجل تلك الأصوات التي آمنت بعيسى الكوهجي ودعمته في الانتخابات ولا أريد بتاتاً أن أخيب ظنهم. ^ شهدنا استهدافاً للنائب عيسى الكوهجي في فترات متقطعة، ما السبب؟ ومن يقف وراءه؟- الفترات ليست متقطعة، بل مستمرة، وكلما رأوا ألا فائدة من الإشاعة أو ذلك المسعى يتم استبداله بطريقة ثانية، وذلك ديدنهم، وبالنسبة لي لا أكترث كثيراً بما يقولون، وأعتقد أن الناس تعرف تماماً كيف يعمل هؤلاء، لكن ما أثار استيائي بالفعل أن يتم استهداف مصلحة الناس الذين وعدتهم بالعمل للذود عنهم وحماية حقوقهم ومصالحهم.^ ما رأيك في عمل كتلة المستقلين، وهل صحيح أن الخلافات وتباينات وجهات النظر أثرت على عملها؟- كنت أتمنى أن يكون عملها أكثر حرفية والتزام، ولكن هناك أخطاء قاتلة ارتكبها بعض المنتمين للكتلة، وقريباً ستتكشف أمور كثيرة، وقد تكون مفاجأة أكثر مما أعلن عنه النائب محمود المحمود. تقرير تقصي الحقائق ^ ما رأيك في تعاطي البحرين مع ملف الأزمة التي مرت بها؟- الحديث في هذا الشأن يحتاج تفصيلاً وتحليلاً معمقاً، إذ لابد من تقييم تعاطي كافة الأطراف، فهناك الحكومة والنواب والجمعيات والمعارضة والمستقلين والمواطنين، وإذا أردنا المزيد ممن كان لهم التأثير في ذلك الملف فهم الإعلاميون والعسكريون والسلطة القضائية، خاصة وأن الكثير مما مرت به البحرين من الصعب اختصاره في حديث بسيط، لكن وبكل صراحة، وأعلم أن ذلك قد يغضب الكثيرين، فإنني أجد بأن الجميع بلا استثناء قد أخطأ ولا بد من أن نصحح الأخطاء، ومن هنا أدعو الجميع من حكومة ومعارضة، جمعيات أو تيارات بالتفكر قليلاً والتمهل، إذ من الممكن اعتماداً على تقرير تقصي الحقائق أن نجنب البلاد مزيداً من التراجع السياسي والأمني والاقتصادي، بل إن نتجنب صدامات أهلية بدأت تخرج برأسها بين الفينة والأخرى في هذه المنطقة أو تلك. ^ الحديث يكثر مؤخراً عن المصالحة والتصالح، كيف يمكن أن تثمر هذه المساعي؟، وهل يمكن لمثيري التوترات الطائفية أن يكونوا هم أنفسهم من يدعون للوحدة؟. - منذ بداية الأزمة، طالبت الجميع أن نحذر في حراكنا وألفاظنا، وتمنيت من الجميع الابتعاد عن الطائفية والعزف على هذا الوتر البغيض، وللأسف لم يكتف البعض بالعزف، إذ إن عدداً من الناس راق لهم هذا العزف، فتحول لرقص مقيت جر البلاد لمرحلة من الصعب معها السيطرة على الأمور. ^ وكيف يمكن السيطرة الآن على هذا الاتجاه؟- أمران، الأول أن نعتمد على الحوار السياسي والتواصل المباشر، والأمر الآخر تفعيل القانون، ما دمنا ارتضينا القانون حكماً، فلابد أن يكون نافذاً، وإلا سيستمر الطائفيون في أنغامهم البائسة التي تجر البلاد إلى الويلات. تقليص الفئات المتشددة ^ كيف يمكن تقليص الفئات المشددة بالمجتمع اليوم من الطرفيين، وما هو المطلوب لذلك؟- الإعلام أقوى سلاح يمكن استخدامه لتقليص الفئات المتشددة، وذلك عبر توعية الناس وتهدئتهم، فالإعلام يرفع دولاً ويهدم أخرى، وبصراحة إذا ما أصاب البحرين الضرر -لا سمح الله- فأنتم أول أناس محاسبون، وبالطبع رفعة البحرين وعزتها وتكاتف أهلها ومحبتهم ستكون من إنجازاتكم، كذلك أرى أن يتم تفعيل القانون مع هذه الفئات، فمن غير المعقول أن يتم التعدي على الطوائف والمذاهب والتيارات والعائلات، ذلك أمر مرفوض شرعاً وقانوناً، لكن التغاضي عن هذا الأمر سيزيد من حدة المشكلة ويضاعفها. - الدولة من خلال مؤسساتها ومبادراتها اعترفت بالأخطاء التي ارتكبت خلال الأزمة، وقدمت عدداً من المبادرات بينما لم تقم جمعيات المعارضة بأي خطوة، ما تعليقك؟- أتمنى أن تجلس الأطراف المعنية على طاولة الحوار وحل المشكلات بصورة هادئة حفاظاً على الوطن، ومثلما حاولت مراراً وطالبت الوفاق في فبراير الماضي سحب استقالتهم، أوجه لهم النداء بالجلوس والحوار مع الأطراف الأخرى، فالحوار الحل الأمثل للخروج من الأزمة بل إن الحوار سيكون بمثابة البلسم الذي سيخفف كل الاحتقانات القائمة بين كل الأطراف. ^ هل لديك رؤية واضحة لرأب الصدع؟- هناك شرخ كبير حدث في المجتمع، والمسألة هنا ليست رؤية لرأب الصدع، فمسألة إيجاد رؤية أو خطة أو لنقل خارطة طريق للمصالحة أمر سهل ومن الممكن إيجاده بكل بساطة، إذ إن المشكلة الأساسية تكمن في مدى جدية الأطراف ورغبتها في المصالحة، وليس هذا فقط، إذ يتوقف الأمر على مدى جديتنا في التصدي لأعداء المصالحة، فلا يجب أن نتجاهل بأن هناك أطرافاً مستفيدة من هذا الشقاق، وهناك من لا يستطيع الظهور والعيش إلا وسط الفوضى والانشقاقات، وخير دليل على ذلك ما أسلفت بأن عدداً ممن لفظهم الناس عادوا وسط الزحمة والصراخ حاجزين مقاعدهم في الصفوف الأمامية، وذلك بالطبع تحد كبير لابد من أن تتوفر أمامه الإرادة الحقة.التأثير الاقتصادي للأزمة ^ بصفتك رجل أعمال، كيف تقيم وضع الاقتصاد اليوم؟، وما هي نتائج تأثره برغبة بعض الأطراف بجر الشارع لمزيد من التوتر؟- الحديث عن الاقتصاد اليوم ذو شجن، فأي بلد تنتابه توترات بهذا الشكل سيتأثر اقتصادياً ومالياً، وحتى أكون أكثر وضوحاً أؤكد أن البحرين إذا دخلت في أزمة اقتصادية مع استمرار الأوضاع إنما ستنال من الجميع، فلن يقتصر الأمر على رجال الأعمال أبداً، وستطال الأزمة من المواطن البحريني ومن معيشته قبل الحكومة، والمشكلة أن هناك اعتقاداً بأن التأثير الاقتصادي إنما ينسحب على رجال الأعمال وحسب، وهو فكر خاطئ تماماً. ^ ما رأيك في التعديلات الدستورية التي قدمت للمجلس بناء على توافقات حوار التوافق الوطني؟، وما رأيك في شرط شهادة الجامعية للترشح؟- بالنسبة للتعديلات، أرى أنها ستصب في صالح المواطن، خصوصاً زيادة صلاحيات المجلس النيابي، إذ إنها ستلزم الحكومة على مزيد من التعاون وتقلص فترة إنجاز الملفات والمقترحات والتشريعات وهو أمر إيجابي للغاية يعرفه النواب، أما بالنسبة للشهادة الجامعية، فهناك اعتراض بالفعل، إذ يرى عدد من النواب أن بعض الخبرات قد تتفوق على أصحاب الشهادات الجامعية، فلدينا الكثير من الخبرات في هذا البلد وهي لم تحصل على شهادات جامعية وبالتالي قد يخسر المجلس هذه الخبرات التي قد تتميز بصورة كبيرة وتتفوق أمام الشهادة، هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى، فباطلاعنا على تجارب الدول العريقة في الديمقراطية بأوروبا لم نجد شرط الشهادة، وبالتالي ليس من مبرر وضع الشرط الذي قد يكون عائقاً أمام خيارات الناس وسير العملية الديمقراطية. ^ منذ اندلاع الأزمة برزت قوى جديدة على الساحة وجمعيات جديدة، ورغبت قوى بإسقاط الأخرى، كيف تقيم هذه التطورات على وحدة الصف؟- لن أدخل في تفاصيل معقدة، ولكن نصيحتي للأخوة في جمعية تجمع الوحدة الوطنية تتلخص بأمرين، أولها أن يكون سعيهم جمع الشمل ومحاولة تهدئة النفوس والقلوب وعدم السماح للطائفيين والمتشددين تشويه صورة الجمعية، أما الأمر الآخر فهو أن يحافظوا على شعبيتهم وعدم السماح للآخرين باستغلالهم أو استغلال حراكهم، فإذا كنا نأمل بجمعية تجمع الوحدة الوطنية العمل على الوحدة والتآخي بين كافة المواطنين بمشاربهم المختلفة، فإن من يحاول سرقة قاعدتهم الشعبية لن يعمل إلا لمصالحه الضيقة وقد اختبرنا هؤلاء من قبل.