لا يُمكن أن تُثمر تنمية، ولا أن تُزهر حضارة، دون أمن راسخ.الأمن ليس مجرد غيابٍ للجريمة أو العنف، بل هو شعورٌ شامل بالطمأنينة، وبيئة آمنة تُشجّع على العمل، والتعليم، والإبداع، والحياة.بالتالي، كيف نُدرك أهمية تثبيت دعائم الأمن في المجتمع؟! وما الدور الذي يلعبه في استقرار الأفراد وتقدم الأوطان؟!علينا إدراك حقيقة ثابتة، تتمثل بأن الأمن هو أساس لكل شيء، فمن دونه لا يعيش الناس حياتهم مطمئنين، ولا يمكن للطالب أن يذهب لمدرسته آمناً، ولا يمكن لأي تاجر أن يفتح محله بدون أن يعتريه القلق، والأهم، لا يمكن لأي حكومة أن تنجح في تنفيذ خططها التنموية والنهوض باقتصادها وتحسين مستوى معيشة أفرادها.علينا ألا ننسى بأن الأمن هو البيئة الحاضنة لكل إنجاز، وبدونه تنهار الثقة، وتنتشر الفوضى، ويتوقف نبض المجتمع، وندخل في دوامة من القلق المستقبلي، فعندما يضيع الاستقرار يترسخ الخوف مما هو قادم.البعض يخطئ ويظن بأن الأمن مهمة الدولة وحدها، وهنا على الرغم من كون المؤسسات الأمنية تتحمّل العبء الأكبر في حفظ النظام، إلا أن الأمن مسؤولية جماعية. فحينما يكون لدينا مواطن واعٍ ومدرك لحقوقه وواجباته، وحينما نمتلك إعلاماً مسؤولاً يمارس دوره الصحيح، ويركز على تنوير المجتمع، وأيضاً مؤسسات تعليمية تربي على السلوك السليم، ومؤسسات دينية تغرس القيم النبيلة، وتبعد الناس عن التطرف، فإننا سنجد منظومة تكاملية، تعاضدها يجعلنا نبني جدار الأمن المجتمعي، بما يرسم اتجاهات إيجابية لنمو بلادنا وارتقاء مجتمعنا.هنا أيضاً محور هام في هذا الشأن، إذ دعائم الأمن لا تقتصر على الأمن الجسدي، فهناك أنواع أخرى لا تقل أهمية، على رأسها الأمن الفكري، من خلال مواجهة التطرف ونشر الوعي. والأمن الاقتصادي عبر الحرص على ضمان فرص العمل والحياة الكريمة. دون نسيان الأمن السيبراني الذي وجد لحماية المجتمعات من تهديدات التكنولوجيا.هذه الدعائم عندما تُبنى معاً، يتحقق الأمن الحقيقي، وهو ما عنونته أعلاه بـ"أمن النفوس، لا فقط أمن الشوارع".تمعنوا في آثار تثبيت دعائم الأمن في حياتنا، إذ بفضله يأتي الاستقرار النفسي الذي يولد الراحة والطمأنينة، وكذلك سنجد نهضة اقتصادية بالضرورة؛ لأن الاستثمار وتنامي الاقتصاديات لا يتم إلا في بيئة آمنة، ناهيكم عن الترابط الاجتماعي عبر تمثل المجتمعات بمزيد من التعاون والتسامح، وأيضا سيزدهر التعليم وتطغى الثقافة، لأن الفكر والنضوج العقلي لابد وأن يوجد بمعزل عن الخوف.الأمن نعمة عظمى يجب الحفاظ عليها. هو ليس سياجاً خارجياً فقط، بل قيمة داخلية تبدأ من احترام القانون، ونبذ العنف، وتعزيز ثقافة السلام والتعايش. وعليه لنُدرك أن كل تصرّف مسؤول، وكل كلمة إيجابية، وكل موقف صادق، كلها تسهم في تثبيت دعائم الأمن في المجتمع، وتصنع الخير لبلادنا الغالية.
alshaikh.faisal@gmail.com
Opinion
أمن «النفوس».. لا فقط أمن «الشوارع»!
14 مايو 2025