بسمة عبدالله

لطالما كانت الجدة ركيزة أساسية في استقرار الأسرة، تقدم لأبنائها وأحفادها الدعم والنصح والإرشاد، تقف دائماً خلف الكواليس بحبٍ وعطاء لا تنتظر من ورائه مقابلاً سوى أن ترى أبناءها وأحفادها في بيوتهم سعداء مستقرين. في الماضي كان وجود الجدة يعني الدفء، الحنان، الدعاء والمساندة في كل صغيرة وكبيرة، هل لاتزال جدات اليوم يُشبهن جدات الأمس؟ وهل تغيّر دورهن بتغيّر الزمان وأسلوب الحياة؟

بالتأكيد لم يتغير دور الجدة فقط، بل حتى شكلها ومظهرها الخارجي لم يسلما من التغيير في عصر اللهث وراء الموضة والتجميل، لم تعد الجدة تلك المرأة ذات الشعر الأبيض والحكايات المسائية، بل أصبحت امرأة عاملة منشغلة تركض خلف مسؤوليات لا تنتهي، وتحيا حياة مختلفة عمّا كانت عليه سابقاً.

نرى اليوم جداتٍ بشعرٍ ملون وقوامٍ رشيق، بفضل عمليات الشفط والنحت والتجميل، وكأن الزمن توقف عند عمر الثلاثين، لم يعد الأحفاد الشغل الشاغل لدى الكثيرات من الجدات تغيرت الأولويات، أصبحن مشغولات بجدول حياتهن الخاص ومظهرهن واهتماماتهن الجديدة.

تغير الزمن فتغيّر دور الجدة، وهذا أمر طبيعي وهذه هي سُنة الحياة، فلا شيء يبقى على حاله. لكن ما يهمنا هو أن يكون هذا التغيير متزناً، لا إفراط فيه ولا تفريط، فالدور الجوهري للجدة باعتبارها ركيزة أساسية في دعم الأسرة واستقرارها يجب أن يبقى ثابتاً رغم تغيّر الزمن وتعدد المسؤوليات.

لا ينبغي للجدة أن تتهاون في دورها تجاه الأحفاد فهم بحاجة إليها كمرجع للقيم والعادات الأصيلة، وكصاحبة الخبرة والصدر الحنون، وعنوان للمة واللُحمة العائلية، بدونها يصعب أن تستقيم الحياة أو تصمد الأسرة في وجه العواصف التي تهدد كيانها وتقتلع جذورها.

فإذا كان الآباء هم السقف الذي يظلّل الأبناء في الأسرة، فإن الجدة هي العمود الصلب الذي يرتكز عليه ذلك السقف ليستقيم ويثبت.

وجودها لا يُعوض ولا يقدر بثمن، ودورها في بناء جيل متوازن عاطفياً وأخلاقياً واجتماعياً لا يجب أن يُهمّش. لعل الزمن يتغير لكن الحنان والخبرة والحكمة تبقى دائماً بحاجة إلى قلب يُجسّدها.. والجدة خير من يقوم بذلك.