غازي الغريري


تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي تصريح المحامي العام الأول المستشار وائل بوعلاي بشأن مباشرة النيابة العامة التحقيقات في واقعة حيازة سلع غذائية فاسدة منتهية الصلاحية وأثار الكثير من ردود الفعل الصادمة وفي ذات الوقت القلق في أوساط الشارع البحريني لأن ذلك مرتبط بشكل مباشر بصحة وسلامة المواطنين والمقيمين، وما يدعونا ويدعو الجميع للخوف حقيقة هو إفصاح النيابة وللمرة الأولى باسم شركة التغذية من باب التوعية والحذر من استهلاك منتجاتهم المنتهية الصلاحية، وقد أمرت النيابة العامة بحبس 29 متهماً احتياطياً والتحفظ على مستودع الشركة، هذا التحرك جاء بعد تقديم عامل في مخازن الشركة والذي أفاد بأنه أجبر على تغيير تواريخ انتهاء الصلاحية المنتهية وهو ما يخالف الحقيقة، ولكن هذا العامل ومن باب يقظة وصحوة الضمير رفض الاستمرار بهذا العمل وتزوير التواريخ وتقدم ببلاغ في مركز الشرطة ولديه تسجيل مقطع مصور لوقائع تغيير تواريخ الصلاحية وهو ما يثبت تورط الشركة في التزوير وتحقيق الأرباح على حساب صحة وسلامة الناس.

النيابة العامة وجهت للأشخاص والشركة حيازة وتخزين سلع فاسدة بقصد التسويق والتداول والترويج، والتحقيقات مستمرة للوقوف على جميع ملابسات الجريمة تمهيداً لإحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، نعم المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولكن الشواهد والمضبوطات من البضائع تؤكد الغش التجاري الذي يخالف القوانين المحلية والعالمية لما يترتب عليه من أضرار على صحة المجتمع بشكل عام، وهذا السبب الذي دعا مساعد النائب العام بالإفصاح عن أسماء المتهمين والشركة المتورطة من باب الحيطة وتجنّب الشراء والاستهلاك للسلع الفاسدة والمنتهية الصلاحية، وحقيقة إن النيابة العامة بهذه الإجراءات الرادعة تؤكد بعدم التساهل مع كل من يعبث بصحة وسلامة المستهلكين وهي رسالة قوية بأن القانون سيُطبّق بكل حزم على من يثبت تورطه في مثل هذه الأفعال التي تهدد الأمن الغذائي وتعرّض المجتمع وصحة المواطنين والمقيمين للخطر، فهذا السلوك هو خيانة مباشرة لثقة المستهلك وتهديد حقيقي للصحة العامة، حيث إن تناول مواد غذائية منتهية الصلاحية يمكن أن يؤدي إلى حالات تسمم غذائي والتهابات معوية واضطرابات صحية قد تصل إلى الوفاة في بعض الحالات، خصوصاً بين الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

في الحقيقة والواقع ومن هذا المنبر نشيد بالإجراءات الحازمة التي اتخذتها النيابة العامة فور كشف هذه الجريمة والسرعة في مباشرة التحقيقات بشكل عاجل وأوقفت المتورطين على ذمة التحقيق، وهو تأكيد منها بأنها تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن وسلامة المجتمع، وهنا يتجلى بشكل واضح دور النيابة العامة في حماية المستهلك والمجتمع وبث رسالة واضحة مفادها أن السلامة العامة خط أحمر ولا يمكن التساهل مع من يعرّض حياة الناس للخطر مقابل مكاسب مادية، كما أجزم بأن المجتمع يطالب بأقصى العقوبات بحق كل من يتعمد تعريض حياة وصحة المواطنين والمقيمين للخطر ليكونوا عبرة لكل من يسعى إلى انتهاك القوانين، فالمجتمع لا يمكن أن ينعم بالأمن الغذائي إلا بتطبيق العدالة على كل من يسهم في تهديده، كما أن ما حصل يضع الجميع أمام المسؤولية من خلال تعزيز ثقافة الوعي والتبليغ عن المخالفات ودعم جهود الدولة في حماية الصحة العامة، ومن هنا فإن سلامة الغذاء مسؤولية وطنية لا تقبل التهاون.

همسة..إلى ضمير كل من يعبث بصحة الناس عليه أن يعلم أن تغيير تواريخ صلاحية المنتجات الغذائية ليست مجرد مخالفة بل جريمة بحق الوطن وتهدد لأرواح الأبرياء، وهنا تقع علينا المسؤولية جميعاً لرفض أي تلاعب أو تزوير من أجل حماية المجتمع.