ستشعر وأنت تدخل إلى المكان أنك لم تعرج على مصنع للحلوى ولا على مكتب حفيد مؤسس الحلوى البحرينية في مملكة البحرين والمصنع الأصلي الأم إنما ستشعر أنك تتجول في متحف تاريخي تراثي يزيد عمره الـ 175 سنة، برفقة وفد نسائي خليجي منوع من مملكة البحرين وسلطنة عمان وقطر قررنا في ذلك اليوم زيارة مصنع حسين محمد شويطر للحلويات والتعرف على تاريخ صناعة الحلوى البحرينية العريق بترتيب من الوجيه فؤاد حسين شويطر .
توقعنا في بادئ الأمر أننا سنرى علب الحلوى وكيفية صناعة الحلوى، لكننا وجدنا أنفسنا نطالع قصة تاريخية مشوقة للغاية وموثقة موجودة على جدران محلات حسين شويطر بدءاً من القدور التي تم صناعة الحلوى فيها إلى «التجوري» أي الخزانة المالية الآمنة والكثير من المقتنيات التراثية العريقة منذ فترة 1850 حيث بدأت قصة الحلوى البحرينية بالصدفة كما يرويها لنا مدير العلاقات العامة محمد الخنيزي فمن المعروف أن عائلة شويطر العريقة كانوا « نواخذة « بحر وملاك سفن لحين في إحدى رحلات تجارة الأخشاب وتحديداً أثناء رحلة حسين محمد شويطر الحفيد الأوسط من الجد الكبير حسين شويطر وخلال زيارته للعراق تعرف على تاجر عراقي، وكان يملك مصنعاً لصناعة الحلوى، وظل فترة من ثلاثة إلى أربعة شهور يتعلم بنفسه « الصنعة» وبمعاونة عدد من أصحابه، ثم رجع إلى مملكة البحرين، وقد أخذ معه عدداً من القدور والمعدات الخاصة بالحلوى، لكن مع إضافة لمسته الخاصة بإضافة الهيل والزعفران حيث استبدل السمن العراقي بالزيت، وقد بدأ أولى خطواته في محيط الفريج والمقربين منه والمصادفة أنه كان يطبخ الحلوى الخاصة به، ويصطحبها معه خلال موسم الغوص وصيد اللؤلؤ حيث يظلون داخل البحر لفترة ستة شهور، ومن الممكن الاحتفاظ بالحلوى لمدة تصل إلى تسعة شهور في حال التخزين الجيد، لكن من الأفضل أن لا تتجاوز فترة تخزينها أكثر من ستة شهور والأفضل استخدامها خلال شهرين، حتى لا تتغير نكهتها؛ وهكذا ظل الحفيد حسين يطبخ الحلوى في منزله، ويتاجر بها على مستوى الفريج لحين ورثها منه ابنه محمد حسين.
وكأن الحفيد حسين شويطر كان يستقرئ المستقبل القريب وله نظرة بعيدة المدى ففجأة فقدت رحلات الغوص قيمتها أمام ظهور اللؤلؤ الياباني المصنع، ولم تعد لهذه المهنة جدوى؛ لأن هناك بديلاً أرخص، فتحول العمل بالكامل لهذه العائلة العريقة من الاتجار باللؤلؤ إلى صناعة الحلوى في مملكة البحرين، وقد كان ذلك في فترة الخمسينات، وبدأ الموضوع يتطور والقدور التي تم استخدامها لصناعة الحلوى البحرينية في بداياتها موجودة في متحف البحرين الوطني قسم الحرف البحرينية بتاريخ 1850 وهناك منها في محلات حسين شويطر تعود لعام 1856 .
عندما يصادف أن تتم دعوتك لتمثيل مملكة البحرين بالخارج، فإنك بالتأكيد عندما تفكر بإهداء الوفود الخارجية ستصطحب معك حلوى ومتاي البحرين المعنونة بـ «صوغة البحرين « وهو اسم تعمد وضعه على أكياس مصنع حلويات حسين محمد شويطر حيث يؤكد فؤاد شويطر أنه رغم العروض الكبيرة التي جاءت إليه لكي يقوم بافتتاح فروع لمصنعه في عدد من الدول الخليجية، إلا أنه رفض؛ لأنه مهتم ومتمسك بفكرة أن كل من يقوم بزيارة مملكة البحرين، أو يود إهداء شخص من خارج البحرين هدية مميزة وخاصة تعكس تاريخ وثقافة مملكة البحرين أن يهتم بأخذ «صوغة البحرين» من مصنع جده الكبير، من المعلومات الهامة عن تاريخ المصنع أنه مسجل بالأصل كماركة بحرينية في السجلات الرسمية لدى وزارة التجارة منذ عام 1850 سنة.
وخلال تعبئة الحلوى من المصنع بإمكان أي شخص أن يضمن أن تبقى ساخنة داخل العلبة لمدة خمس ساعات، خصوصاً للأخوة الخليجيين الذين يزورون البحرين حيث بإمكانهم إيصال الحلوى لأهلهم في المناطق القريبة من مملكة البحرين وهي «فرش» وساخنة وفترة طبخ الحلوى تأخذ ستين دقيقة، وتعتبر الحلوى الحمراء هي الحلوى البحرينية الأصلية، ثم تطورت وأصبحت هناك أنواع متعددة كالملكية والتين، وتطور المصنع من فرع واحد في سوق المحرق إلى سبعة فروع رئيسة إضافة لست نقاط بيع في مملكة البحرين ومطار البحرين الدولي.
المصنع الذي عندما تتجول فيه تشعر وكأنك تتجول داخل متحف تاريخي عريق يفتتح أبوابه يومياً للزوار والعوائل من الساعة الثامنة إلى العاشرة صباحاً ما عدا يومي الجمعة والسبت، إنها قصة نجاح تاريخية لحرفة بدأت من داخل المنزل، وعلى مستوى الفريج لتصل إلى العالمية ولتتحول إلى أحد أهم رموز الثقافة والصوغة البحرينية الأصيلة.