من حلم خالج رواد الصحافة البحرينية في سبعينات القرن الماضي، إلى واقع حقيقي وإنجاز ملموس في مطلع الألفية الثالثة، مترافقاً مع أكبر مشروع إصلاحي شهدته البحرين والمنطقة في تاريخها الحديث، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم. هذا باختصار قصة جمعية الصحفيين البحرينية، والتي احتفلت أمس، وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، باليوبيل الفضي لتأسيسها، لتتوج مسيرة عطاء وإنجاز انعكست آثاره على صناعة الكلمة الحرة، وشكلت مرحلة جديدة للدخول في حالة متميزة من العمل الإعلامي بأدواته الحديثة.

شخصياً؛ فقد كان دخولي إلى ساحة العمل الإعلامي بعد تأسيس الجمعية بفترة وجيزة، فقد كنت من أصغر أعضائها، حيث تشكلت بداياتي في العمل الصحفي، وللأمانة فقد ساهمت الجمعية عبر العديد من الدورات والفعاليات التي نظمتها لأعضائها في صقل مهاراتي الصحفية، وخلقت حالة من التواصل الفعال بين الأجيال من أصحاب المهنة، ساهم في نقل الخبرات والمهارات بكل سلاسة.

في مساء يوم الخميس، الثلاثين من مارس عام 2000، حمل 24 صحفياً وصحفية إيماناً بأحقية الصحافة البحرينية بأن يكون لها بيت يحتضن صوتها، ويعبّر عن تطلعاتها منتسبيها، ويحمي مهنيتها وحرية كلمتها، ويساهم في تطور المهنة.

في ذلك اليوم التاريخي؛ لم تكتب وثيقة تأسيس جمعية مهنية فحسب؛ بل دشن عهد جديد لصحافة بحرينية قادرة على أن تتنظم وتنتظم، تحت مظلة قانونية ومؤسسية، حيث تشكلت لجان، وانتُخبت شخصيات، وكُتبت لوائح داخلية ونظام أساسي، في مشهد اتسم بأعلى درجات الشفافية والنضج.

اليوم وبعد خمسة وعشرين عاماً؛ تغير خلالها كل شيء تقريباً في العالم من حولنا، تحولت المهنة من حبر وورق إلى أزرار شاشات وفضاء رقمي وذكاء اصطناعي، لكن ما لم يتغير هو الحاجة لأن يكون هناك صوت جامع يحفظ الكرامة المهنية، ويوسع آفاق التطوير، ويضمن بقاء الصحفي في قلب المشهد الوطني لا على هامشه.

جمعية الصحفيين البحرينية كانت، ومازالت، جزءاً من المشروع الوطني الكبير الذي أرسى دعائمه حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، مشروع الإصلاح والديمقراطية والتنمية وحرية التعبير.

وفي ظل رعاية كريمة مستمرة من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، استمرت الجمعية في تمكين أعضائها، ورعاية الأجيال الجديدة من الصحفيين، وتنظيم الورش والفعاليات، والوقوف إلى جانب الصحفي حين يضيق به الأفق، تماماً كما فعلت معي يوم كنت شابة تطرق باب المهنة بشغف وأمل.

اليوم، ونحن نحتفل باليوبيل الفضي، لا نحتفل فقط بمرور 25 عاماً من التأسيس، بل نحتفل بكل كلمة صادقة، وكل صوت حر، وكل ميثاق شرف، وكل اجتماع جمعنا تحت سقف الجمعية، نحتفل بالجيل الأول الذي آمن بالحلم، وبكل من جاء بعده ليحمله إلى الأمام.

وكل عام وجميع زملائنا أصحاب الكلمة الصادقة بألف خير..