في لحظات الفرح والسكينة والأمل التي يجلبها العيد، تتجلى القيم الحقيقية لهذه الأيام المباركة؛ الرحمة، العطاء، التسامح، والتكافل الإنساني، فلم يكن العيد في مجرد شعائر دينية والتزامات اجتماعية فحسب؛ بل هو مناسبة عظيمة لتذكيرنا بإنسانيتنا وبواجبنا تجاه الآخرين، خصوصاً من أنهكتهم الحياة وضلوا الطريق، لكن لا تزال فيهم بذور الخير تنتظر من يرويها بالأمل.في هذا العام، اتسعت معاني العيد لتلامس القلوب بطريقة استثنائية، مع العادة الملكية السامية بإصدار المرسوم الكريم بالإفراج عن عدد من المحكومين، في لفتة إنسانية أبوية من جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، مما مثل انعكاساً لروح العيد وتجسيداً لنظرة الدولة التي لا ترى العقوبة كوسيلة للقصاص فقط، بل كفرصة للإصلاح وإعادة التأهيل وإحياء الأمل.في كل المجتمعات والدول هناك من يخطئ، لكن العظمة الحقيقية لأي وطن تكمن في قدرته على استيعاب أبنائه، ومنحهم الفرصة الثانية، لأن العفو في جوهره رسالة فحواها أننا لا نحكم على الإنسان بماضيه فقط، بل نؤمن بقدرته على التغيير والمساهمة في بناء مستقبل أفضل، وهذا ما يعكسه العفو الملكي، الذي يمثل موقفاً إنسانياً أبوياً يزرع الثقة في نفوس من ظنوا أن الأبواب أوصدت في وجوههم إلى الأبد.عيد الأضحى يعلمنا أن أعظم القربات لله هي إحياء القلوب، ومساعدة الناس، ومسامحة من أساء، ومد الجسور بدلاً من إقامة الحواجز، وهذا ما تمثل في قرار جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، حين اختار أن يدخل الفرحة على مئات الأسر البحرينية، ويمنح المحكومين فرصة لبدء صفحة جديدة، على أمل أن يعودوا أفرادًا صالحين، يشاركون في تقدم الوطن ورفعته وتنميته.إن التحلي بالإنسانية في زمن كثرت فيه القسوة هي أعظم أشكال الشجاعة، وكمجتمع علينا أن نواكب هذه الروح الملكية النبيلة، لا بالتسامح فقط، بل بالاحتواء وبمنح هؤلاء العائدين فرصة فعلية للاندماج دون وصم ولا تمييز.فلنجعل من هذا العيد محطة حقيقية لمراجعة أنفسنا، وفتح قلوبنا، وإحياء إنسانيتنا. فكما نحتاج إلى أن يغفر لنا علينا أن نتعلم كيف نغفر، وكيف نؤمن أن في كل إنسان بذرة خير تحتاج فقط إلى من يصدق بها.كل عام ووطننا بخير، وكل عام وإنسانيتنا أقرب لما أراده الله لنا؛ رحمة وعدلاً وأملاً لا ينتهي.إضاءةكل التحية والتقدير إلى نيابة المرور، والتي أصدرت بياناً قبل عيد الأضحى أكدت فيه على ضرورة الالتزام التام بالقواعد والأنظمة المرورية، حفاظاً على الأرواح والممتلكات، بعد سلسلة الحوادث المميتة التي شهدتها المملكة في الآونة الأخيرة.سلامة مستخدمي الطرق، مواطنين ومقيمين، هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل فرد، وحتى يبقى وطننا سالماً آمناً، ولا يعكر أجواء الفرحة والبهجة التي يحملها العيد.