تمضي مملكة البحرين بخطوات حثيثة ومسؤولة نحو تطوير منظومة حماية حقوق الإنسان، وهو ما يجعلها أيقونة خليجية وإقليمية وعربية ودولية، في تعزيز الاهتمام بالحقوق، وذلك تنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبتوجيه ومتابعة حثيثة وحكيمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.ولعل أبرز تلك الخطوات في تطوير منظومة حقوق الإنسان، الإجراءات والمبادرات التي تتخذها المملكة، فيما يتعلق بالتوسّع بتطبيق أحكام قانون العقوبات والتدابير البديلة، تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية، حيث تقوم الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة، بين فترة وأخرى، وبعد التنسيق مع النيابة العامة وعرض قائمة النزلاء المرشحة على قاضي تنفيذ العقاب وموافقته، باستبدال عقوبة عدد من النزلاء بعد استيفاء دراسة هذه الحالات وتطبيق الاشتراطات القانونية التي تُجيز استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة بديلة، ليس هذا فحسب، بل إنه يتمّ بين فترة وأخرى، إلحاق عدد من النزلاء ببرنامج السجون المفتوحة، كأحد برامج العقوبات البديلة.ولقد شهدت المملكة مؤخراً افتتاح أعمال المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، والذي أقامته وزارة الداخلية بحضور عدد من الوزراء ومشاركة نخبة من المسؤولين والخبراء والمختصين في مجالات العدالة الإصلاحية والجنائية وحقوق الإنسان، من داخل مملكة البحرين وخارجها، في إطار العمل على تبادل الخبرات واستعراض التجارب الناجحة في تطبيق برامج العقوبات البديلة، وكذلك تعزيز السياسات الجنائية الحديثة بما يتماشى مع مبادئ العدالة الإنسانية ومتطلبات الأمن المجتمعي.ولقد حرص معالي وزير الداخلية، معالي الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، خلال كلمته التي ألقاها، بعد افتتاحه لأعمال المؤتمر، على التشديد على أن البحرين، اليوم، تعيش عصر النهضة والإصلاح والإنسانية والحكمة بقيادة، حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه، مؤكداً على أنه خلال العهد الزاهر لحكم جلالته تأصلت فيه قيم الإصلاح والروح القيادية الإنسانية، وإيجاد السُبل الكفيلة للحفاظ على كرامة الإنسان وحماية إرثنا الحضاري الإنساني، وتجلى ذلك في المشروع الوطني النبيل المتمثل في برنامج العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية.من هذا المنطلق، نوه معالي وزير الداخلية إلى أن العقوبة البديلة تُعدّ بمثابة حبل النجاة، لمن أدرك خطأه واختار مسار الصواب واقتنع بحياة المشاركة وتحمّل مسؤوليته الوطنية، لذلك فهي تُعدّ مبادرة إنسانية جامعة تعزّز الثقة الوطنية من خلال مبدأ لَمّ الشمل وبالتالي فهي ثقافة قانونية تجمع الوطن وتعزّز راية الخير والإصلاح، من أجل المشاركة في المسيرة التنموية الشاملة للمملكة.ولقد جاء إعلان معاليه عن توجّه وزارة الداخلية لإنشاء «مركز التميز للعقوبات البديلة والسجون المفتوحة» ليكون مركزاً متخصّصاً في تأهيل وتدريب الكوادر العاملة على تنفيذ العقوبات البديلة، الأمر الذي يُسهم في التوسّع في تنفيذ المشروع ونشر وتعزيز أهدافه على كافة المستويات، لتؤكد تلك الخطوة المتميّزة التطور الحضاري الذي تشهده المملكة في ظل الاهتمام بتعزيز وحماية حقوق الإنسان.لقد عزز المؤتمر من مفهوم وفلسفة العقوبات البديلة كونها مسألة إنسانية بمفهومها الواسع، وعقوبة بمفهومها المحدود، من خلال إيجاد التوازن بين تطبيق العقوبة من جهة، وخلق حالة إنسانية من جهة أخرى، تستند إلى طمأنة النفس، باستعادة الشخص ثقته بنفسه في أن يصبح مواطناً صالحاً، يُسهم في بناء وتنمية المجتمع البحريني.
walghandour@alwatannews.net
Opinion
إنسانية البحرين في تطبيق «العقوبات البديلة»
08 يونيو 2025