نتحدث عن التطوير، والتحول الرقمي، وهو هوس المرحلة الحالية، وضرورة استخدام أحدث والتقنيات، ووجوب إحلال الجديد محل القديم، سواء أنظمة، استراتيجيات، وحتى بشر. صح؟!
هذه قصة طريفة قصيرة حدثت في إحدى الشركات، وهي تنقل لنا صورة مصغرة عن تحديات الإدارة اليومية، وكيفية التفكير في الحلول، ودروسها بالغة العميق سيدركها من يتمعن ويحلل المضامين.
كان المدير حريصاً على الكفاءة والإنتاجية، بينما الموظف الجديد كان يواجه صعوبات بسيطة في أداء مهمة يومية محددة، وهي تثبيت مسمار في الجدار!! نعم تثبيت مسمار في الجدار، وهي مهمة بسيطة وسهلة، يفترض!
عموماً، لاحظ المدير أن المطرقة التي يستخدمها الموظف قديمة ومهترئة، فنصحه بتبديلها بأداة جديدة، في خطوة تحمل نية الدعم والتحسين. لكن القصة لم تنتهِ هنا.
عندما عاد الموظف بالمطرقة الجديدة، اعترف مازحاً بأنه لم يستخدم المطرقة السابقة بالشكل الصحيح في الأساس! وهنا كانت الحكمة الإدارية التي التقطها المدير بسرعة، إذ المشكلة لم تكن فقط في الأداة، بل في طريقة استخدامها.
هذا ليس مجرد موقف عابر، بل هو انعكاس واقعي لما يحدث في مؤسسات كثيرة.
إذ كم مرة نلجأ إلى تغيير النظام، أو شراء أدوات جديدة، أو إطلاق مبادرات تطوير ضخمة، أو غربلة مواقع أشخاص أو إبدالهم، فقط لنكتشف لاحقاً أن المشكلة الحقيقية كانت في التطبيق، أو التدريب، أو حتى في التفكير البسيط الذي غاب عنا؟!
لا شيء يعيب التطوير، بل هو عنصر أساسي في أي بيئة ناجحة. ولكن، الاعتماد الكامل على «الأداة الجديدة» فقط، قد يجعلنا نغفل عن المهارة البشرية، أو نهمش الحلول البسيطة التي لا تحتاج أكثر من تركيز ومرونة، ويجعلنا نتجاهل ما نملك أصلا.
التطوير يبدأ من الداخل، والأدوات وحدها لا تصنع الفارق؛ لأن المستخدم هو العنصر الأهم. وعليه قبل أن نغير الأنظمة، لنتأكد أننا نحسن استخدامها.
هذا يقودنا للتفكير بأن الحلول البسيطة غالباً ما تكون الأقوى، ومن القصة عرفنا بأن المطرقة القديمة قد تكون كافية، لو تم استخدامها بالشكل الصحيح. وهنا لابد وأن نتساءل، إذ لماذا نركض دائماً خلف التعقيد؟!
طبعاً الجانب الإنساني مهم جدا، إذ المدير الذي يتسم بقيادة مرنة مريحة، وتراه مبتسماً سلساً مع موظفيه، هو القادر فعلاً على بناء بيئة عمل صحية ومنتجة.
القصة بسيطة، لكنها عميقة الجوهر، إذ ليس كل تحد يحتاج إلى ثورة تقنية وأدوات جديدة وبشر يتغيرون بشكل غير مدروس، أحياناً نحتاج فقط «مسك المطرقة بشكل صحيح»!