سيد حسين القصاب


تعقدان مؤتمراً رفيع المستوى بمقر الأمم المتحدة 17 يونيو الجاريتحركات بقيادة السعودية وفرنسا لترجمةالإجماع العالمي لحل الدولتين لواقع ملموس

أعلنت المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا، عن تنظيم مؤتمر دولي رفيع المستوى بعنوان «التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين»، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك خلال الفترة من 17 إلى 20 يونيو الجاري، في خطوة دبلوماسية بالغة الأهمية تعكس حجم القلق الدولي من تصاعد وتيرة النزاع في الشرق الأوسط، حيث تعمل الرياض وباريس على ترجمة الإجماع العالمي حول حل الدولتين إلى واقع ملموس.جاء ذلك، خلال مؤتمر صحافي عبر «الفيديو» مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا آن كلير لوجاندر، حيث يأتي المؤتمر، بدعوة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبمشاركة واسعة من الدول الأعضاء، والمنظمات الإقليمية والدولية، وعدد من المؤسسات المالية والأممية، في محاولة جدية لوضع أسس عملية وفعلية لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة.ويُعقد المؤتمر في ظل ظروف إنسانية وسياسية بالغة التعقيد، بعد التصعيد العسكري الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023 وما تبعه من تداعيات مأساوية، لا سيما في قطاع غزة، حيث تعرّض المدنيون لخسائر بشرية جسيمة، وتفاقمت أوضاعهم بفعل الحصار والدمار الذي طال البنية التحتية والمرافق الحيوية.وتسعى الرياض وباريس، إلى تفعيل إرادة المجتمع الدولي التي طالما أجمعت على حل الدولتين، لكن دون ترجمة فعلية على أرض الواقع، وهو ما جعل المنطقة رهينة لدوامة مستمرة من انسداد الأفق السياسي.ويهدف المؤتمر، إلى الانتقال من مرحلة الحديث عن السلام إلى تنفيذ حل الدولتين بطريقة عملية وضمن جدول زمني واضح وملزم، يستند إلى قرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية، ومبادئ مؤتمر مدريد.وسيُشكّل المؤتمر منصة لتجديد الالتزام العالمي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، تكون عاصمتها القدس الشرقية، وتعيش بسلام إلى جانب دولة إسرائيل ضمن حدود آمنة ومعترف بها.وتشهد أعمال المؤتمر مشاركة رفيعة المستوى من رؤساء دول وحكومات، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الأممية والدولية والإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.وسيجري خلال أيام المؤتمر، طرح محاور متعدّدة تتعلق بمختلف جوانب التسوية، من بينها الأمن المشترك، متطلبات بناء الدولة الفلسطينية، إعادة إعمار غزة، وقف الاستيطان، ودور القانون الدولي في حماية المدنيين وإنهاء الانتهاكات، إلى جانب تعزيز الخطاب الداعم للسلام ومحاربة الكراهية والتطرف.وأكدت السعودية وفرنسا، في الإعلان المشترك عن المؤتمر، أن ما نشهده اليوم في الأراضي الفلسطينية من معاناة إنسانية غير مسبوقة، يجب أن يشكّل دافعاً للمجتمع الدولي كي يتحرك بشكل عاجل وحاسم، بعيداً عن الحلول المرحلية أو الخطابات الإنشائية.وشدّد الطرفان، على أهمية وضع آلية تنفيذ ومتابعة دولية تضمن الالتزام بالخطوات التي سيتم الاتفاق عليها، وتمنع أي طرف من عرقلة المسار نحو السلام العادل والدائم.وسيصدر عن المؤتمر، بيان ختامي رسمي يتضمّن خارطة طريق قابلة للتطبيق، تحت عنوان «التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين»، ويُتوقع أن تُشكّل هذه الوثيقة المرجعية السياسية الجديدة لجهود التسوية في الشرق الأوسط، مستندة إلى المبادئ القانونية والدولية المعترف بها، ومفتوحة أمام انضمام جميع الأطراف المؤمنة بالحل العادل والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.وترى السعودية وفرنسا أن نجاح المؤتمر قد يُمثل نقطة تحوّل تاريخية في مسار القضية الفلسطينية، وفرصة لإطلاق مرحلة جديدة من العمل الجماعي الدولي، يتجاوز الجمود السياسي الذي ساد خلال العقود الماضية، ويؤسس لسلام حقيقي يعالج جذور الصراع، ويُنهي معاناة أجيال متتالية من الفلسطينيين.وفي ظل الانقسام السياسي الإقليمي والدولي، يبقى المؤتمر اختباراً لمدى استعداد المجتمع الدولي لترجمة أقواله إلى أفعال، وإنهاء واحد من أطول وأعقد النزاعات في التاريخ الحديث.