في ظل تصاعد التوترات والأحداث التي تتناقلها وسائل الإعلام العالمية حول نشوب حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى بسبب الوصول إلى طريق مسدود بشأن المحادثات النووية بين واشنطن وطهران والتي قال عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «إن إيران أصبحت أكثر تشدداً وهو أمر مخيب للآمال»، مناسبة ذلك التصعيد يأتي بعد أن طرحت الولايات المتحدة اقتراحاً يشير إلى إمكانية استثمارها في برنامج الطاقة النووية المدنية الإيراني والانضمام إلى تحالف يشرف على تخصيب اليورانيوم منخفض المستوى داخل إيران لفترة زمنية غير محددة، وهذا ما جعل إيران ترفض ذلك والوصول إلى اتفاق في المحادثات والمفاوضات بين البلدين، هذه الخلافات حول «تخصيب اليورانيوم» وسعي إيران لتصنيع سلاح نووي ألقت بظلالها على المنطقة برمتها والذي ينذر بمواجهة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط مع تهديد إسرائيل بضربة عسكرية محتملة للمنشآت النووية الإيرانية التي تعتبرها تهديداً مباشراً لأمن «تل أبيب».
هذه التطورات المتسارعة هي بمثابة مؤشرات قد تنذر بمواجهة في الشرق الأوسط واقتراب اندلاع حرب إقليمية سوف تهدد أمن واستقرار الخليج والمنطقة، في الوقت ذاته يرى مراقبون أن التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ليس جديداً أو وليد اللحظة والعلاقة بين البلدين تشهد بين الفينة والأخرى تصعيداً إلا أنه سرعان ما يتلاشى ويتم تحكيم سياسة الاحتواء والدبلوماسية، ولكن هذه المرة وصل التصعيد إلى مستويات لم تشهدها العلاقة بين واشنطن وطهران ودخول إسرائيل على خط المواجهة بسبب تزايد النشاط الإيراني الإقليمي ودعمها للميليشيات في اليمن والعراق ولبنان وكذلك دعمها لحماس وفي سوريا أيضاً، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديداً مباشراً لأمنها القومي خصوصاً في ظل تهديدات الحوثي لها وإطلاق صواريخ استهدفت العمق الإسرائيلي وكذلك تهديده للملاحة الدولية في مضيق باب المندب، وفي العراق الذي يتزايد فيه النفوذ الإيراني اتخذت واشنطن قراراً بإخلاء سفارتها وهي رسالة واضحة بأن الحل الدبلوماسي مع إيران بات مستبعداً وأن الرد العسكري سيكون هو الخيار الذي ستقوم به إسرائيل وليست الولايات المتحدة بشن ضربة عسكرية محتملة على المنشآت النووية الإيرانية.
ولكن طهران بالمقابل لن تقف مكتوفة الأيدي وأكدت ذلك على لسان وزير الدفاع الإيراني بأنها سترد، وهو ما سيرفع من المواجهة إذا ما ردت الولايات المتحدة على أي استهداف لمصالحها، وبالتالي فإن المنطقة بل والعالم سيكون أمام تطورات عسكرية غير مسبوقة وسوف تتوسع المواجهة وقد تصل إلى حرب عالمية ثالثة في حال تدخلت قوى عالمية وأصبح اصطفاف تلك القوى ليكون هناك معسكران أو جبهتان. سيناريوهات محتملة يتوقعها المحللون العسكريون بأن إسرائيل سوف تشنّ هجمات جوية على منشآت نووية إيرانية وستكون حرب صواريخ بين إسرائيل وإيران، إضافة إلى احتمالية رد طهران بشكل مباشر من خلال استهداف السفن الأمريكية، وهنا لن تقف الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي وستقوم بضربات دقيقة على منشآت عسكرية إيرانية وسوف تستهدف قيادة الحرس الثوري وقد تصل إلى شل البنية التحتية العسكرية الإيرانية، وحقيقة لا نتمنى لهذه التوترات الإقليمية أن تصل إلى حرب إقليمية شاملة ولابد من احتواء التصعيد وهذا ما تسعى له روسيا في التوسط بين واشنطن وطهران والوصول لحل وعودة المفاوضات حول النووي الإيراني، لأن توسع الحرب سوف يهدّد الملاحة في مضيق هرمز وسينعكس حتماً ويؤدي لارتفاع أسعار النفط العالمية.
همسةأجزم بأن الجميع بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإيران لا يفضلون خيار الحرب، لأن ذلك سيُدخل المنطقة والعالم برمته في هاوية يصعب بعدها الخروج منها بسهولة، لأن شرارة الحرب إذا ما اندلعت لا يستطيع أحد التحكم في نهايتها، وأعتقد أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في رسم مستقبل الشرق الأوسط بأكمله.