ما يحصل تصعيد خطير يهدد بتفجير المنطقة، إذ بعد عدة ساعات اتضح بأن المواجهة الصاروخية المباشرة بين إيران وإسرائيل تنذر بعواقب كارثية قد تصل لمستوى معقد جداً. المنطقة شهدت طوال السنوات الماضية توتراً مزمناً بين الطرفين، إلا أن هذا المستوى من المواجهة العلنية يمثل مرحلة خطيرة، تستدعي تدخلاً فورياً من المجتمع الدولي. تدخلاً يوقف هذه الحرب، لا تدخلاً يزيد النار اشتعالاً.
أول الضحايا في هذا الصراع هم المدنيون، هم الضحايا الدائمون لأية حرب أو قصف بالصواريخ مهما كانت الذرائع باستهداف مواقع عسكرية أو سياسة الردع وغيرها. وما نراه أن المدن الكبرى في كلا الطرفين باتت أهدافاً للصواريخ، والمدنيون هم دافعو الثمن الأكبر. وعليه استمرار الحرب لا يعني سوى القتل والدمار والترويع لبشر لا ذنب لهم في حسابات السياسة والمواجهة.
الخطر لا يقف عند الحدود الإيرانية أو الإسرائيلية، فامتداد الصراع إلى وكلاء الطرفين، خصوصاً في لبنان وسوريا والعراق، قد يشعل المنطقة بأكملها. حتى نحن كدول الخليج العربي لن نكون بمنأى عن آثار هذا التدهور، سواء من حيث التهديدات الأمنية أو من خلال انعكاسات الحرب على أسواق النفط تحديداً.
الاقتصاد العالمي هو الآخر في مرمى النيران. فالاضطرابات في منطقة الخليج العربي، التي تشكل شريان الطاقة العالمي، ستدفع بأسعار النفط إلى الارتفاع، وتؤجج التضخم في اقتصادات تعاني أصلاً من تبعات الحرب الأوكرانية وعدم الاستقرار الجيوسياسي.
في خضم هذا التصعيد، تتجدد الحاجة الملحة إلى إعادة تفعيل المبادئ الدولية بشأن نزع أسلحة الدمار الشامل، وعلى نحو متكافئ يشمل الجميع دون استثناء. إذ لا يمكن الحديث عن أمن واستقرار مع السماح لطرف بامتلاك ترسانة نووية أو صاروخية متطورة، فيما يمنع آخرون. كما أن غياب الضوابط الحقيقية لأي اعتداء مباشر على الدول، تحت أي ذريعة، يشكل تهديداً صريحاً لفكرة النظام الدولي. فإذا تُرك الأمر للأمزجة أو موازين القوة، فإن العالم سيتحول إلى غابة لا تحكمها قوانين، بل منطق البقاء للأقوى.
وهنا يبرز سؤال حاسم، إذ أين المجتمع الدولي؟! فبيانات القلق لم تعد كافية، والمطلوب تحرك دبلوماسي فوري، وضغوط جادة من القوى الكبرى، ووساطات إقليمية لوقف إطلاق النار. فالعالم لا يحتمل حرباً جديدة.إنهاء هذا التصعيد ليس فقط ضرورة سياسية، بل واجباً إنسانياً واستراتيجياً، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، وتغرق المنطقة والعالم في دوامة لا تُحمد عقباها.