في مقال الأسبوع الفائت، تطرقت إلى موضوع «المدينة الغذائية» التي دشنها وزير المالية والاقتصاد الوطني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة تنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، وبتكليف من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وللمصادفة غير المتوقعة، شهدت المنطقة أحداثاً ما زالت تتسارع في الصراع الدائر بين إيران وإسرائيل.
وذكرني تصريح رئيس لجنة قطاع الأغذية بغرفة صناعة وتجارة البحرين خالد علي الأمين، حول المخزون الاستراتيجي للبلاد، والذي طمأن فيه المواطنين بشأن توافر السلع الأساسية، والذي يكفي أكثر من 6 أشهر، بما كتبته عن المدينة الغذائية وأهميتها الاستراتيجية في تحقيق الأمن الشامل.
فلا يمكن فصل الأمن الغذائي عن أمن الوطن سواء مواطنيه أو حياضه ومقدراته، فكلها عناصر تتكامل وتتشابك مع بعضها البعض لتجسد معنى الأمن، بل إن هرم «ماسلو» للاحتياجات وضع الطعام والماء في المرتبة الثانية والثالثة بعد «التنفس» ضمن أولويات الاحتياجات الفسيولوجية للإنسان.
وما شهدناه خلال الأيام والساعات القليلة الماضية، يؤكد على أهمية تسريع مثل هذه المشاريع وتنفيذها بأقصى سرعة ممكنة، لأنها اليوم ليست كما رأيناها في الأسبوع الماضي كمبادرة وطنية مهمة وضرورية، بل إنها – بالتزامن مع الأحداث الجارية - تعتبر أولوية قصوى يجب العمل على تجسيدها على أرض واقع المملكة.
وفي المقال الثاني لهذا الموضوع، أتوجه مرة أخرى بالشكر للقائمين على تنفيذ هذه المدينة، وأطالبهم بسرعة التنفيذ، وأرفع أكف الدعاء إلى الله تعالى الذي أنعم على البحرين بقيادة حكيمة لها رؤية استراتيجية بعيدة المدى، قد لا نستطيع إدراكها في وقتها، لكنها تتجسد أمامنا في الوقت المناسب.
ولابد أن أشكر سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على تقدير سموه للمسؤولية العظيمة في تجسيد هذا المشروع بسرعة، وأدعو في الوقت ذاته لأن يكون هناك أيضاً المزيد من مشاريع المخزونات الاستراتيجية في العديد من الاحتياجات الرئيسة للمواطن، وفي مقدمتها الأدوية ومصادر الطاقة المستدامة.
فعلى الرغم من أننا نتكئ غرباً على شقيقتنا الكبرى المملكة العربية السعودية، ونعيش في كنف مجلس التعاون الخليجي، الذي يوفر الكثير من القوة والحماية من التأثيرات الخارجية، إلا أننا أيضاً في حاجة لتعزيز قدراتنا الوطنية بما يجعلنا دائماً في أحسن حال وأفضل مستوى.
كما لا يفوتني أيضاً الإشادة بموقف رجال غرفة تجارة وصناعة البحرين الذين يحرصون دائماً على مصلحة المجتمع، ويضعونها قبل مصالحهم الشخصية، وهذا ليس بأمر غريب على أهل البحرين، بل إننا نراه في كافة المؤسسات الاقتصادية سواء التجار أو حتى البنوك التي حملت على عاتقها المسؤولية المجتمعية وكأنها إرث ورثته من الأجداد.
وفي طريقي إلى البيت ابتسمت عندما تذكرت كل هذه النعم التي نعيشها في البحرين، رغم ما يحيط بنا من مخاطر كثيرة، فنحن مازلنا نتحرك بحرية ونعيش الحياة الطبيعية وكأن شيئاً لم ولن يحدث، وتيقنت أن هذا الشعور والطمأنينة غير المباشرة، ليست وليدة لحظة أو حدث منفرد، بل هي تراكمات لتجارب مرت علينا فيها أحداث مشابهة.
حفظ الله البحرين آمنة مطمئنة وسعيدة.. وواحة استقرار رغم كل الاضطرابات التي تحيط بها.