الاتفاقية البحرينية الروسية والخاصة بالقمح الروسي خطوة مهمة في سعينا لتحقيق ما يمكننا تحقيقه من استراتيجية الأمن الغذائي، فهي اتفاقية تحقق لنا تنوعاً في المصادر، وعدم خضوعنا لطرف واحد متحكم في هذه السلعة المهمة، والأمر الثاني يساهم في استقرار سعرها بل على حصول البحرين على أسعار تنافسية أكثر، والأمر الثالث وهو المهم يكمن في الارتقاء بالجودة والنوعية التي نرغب بها والخالية من المصنعات.
أما الأهم من ذلك وهو التفكير الاستراتيجي الذي تقدمت به البحرين بهذه الاتفاقية بجعلها مركزاً لتجارة القمح الروسي في المنطقة، وهذا يعني الكثير على صعيد الصناعات الغذائية استيراداً وتخزيناً إعادة تصدير وتصنيع.
ففي خطابه في المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبرغ تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحضور سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة: «نخطط مع أصدقائنا في البحرين لإنشاء مركز متكامل لتوريد القمح من روسيا». وأضاف: «أود أن أذكركم بأن روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم. العديد من الدول في العالم العربي مهتمة جداً بهذا الأمر، وسنتقدم خطوة بخطوة في هذا الاتجاه».
وبالرغم مما تواجه الإمدادات المباشرة من القمح الروسي من صعوبات لوجستية ومشاكل في الدفع؛ بسبب العقوبات الغربية على الشحن والبنوك الروسية، إلا أن ذلك وضع مؤقت لظروف الحرب الأوكرانية، وحين البحرين تقوم بتلك الخطوة الاستباقية المهمة بعقد مثل هذه الاتفاقية مع روسيا في هذا الوقت فإنها تستعد لأيام الرخاء مستقبلاً بعد زوال تلك العقبات، فإننا نستبشر خيراً لأننا نفكر بطريقة استشرافية تنظر لمسألة التنوع في علاقاتنا التجارية سواء الخاصة بالغذاء أو بغيرها من السلع الضرورية كسياسة حتمية ومصيرية تعزز من سيادة الدولة واستقرارها في ظل الظروف الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة، فلا نجلس ونتحرك برد فعل بعدما يقع المحظور بل نسعى للتأمين وللاحتياط واستعراض البدائل بشكل استباقي، وهذا ما نطمح له لنشعر بالاطمئنان.
إنما يتطلب لنجاح مثل هذا المشروع الضخم استعدادات بحرينية كبيرة في القدرات والإمكانيات المتعلقة بهكذا مشاريع والمتعلقة بقدراتنا التمويلية للاستيراد والتخزين وإعادة التصدير، بل لإعادة التصنيع وإعادة التصدير مما يفتح آفاقاً لجذب فرص استثمارية واسعة -إن نجحنا- في استغلال هذه الفرصة جيداً وإن حرصت دول مجلس التعاون على التكامل معنا والشراكة!!
إنه امتحان صعب أمام البحرين نتمنى أن تنجح به وأن تستثمر نجاحات زيارة سمو الشيخ ناصر ويُبنى عليها، إذ نتمنى أن يستمر الزخم والإعجاب بالبحرين، والذي حققته كلمة سموه في المنتدى الاقتصادي، منعكساً على أدائنا في تنفيذ تلك الاتفاقية، فقد أثارت الكلمة إعجاب الجميع وأدهشت بوتين وهو يستمع لها بإلقاء يعكس هويتنا البحرينية العريقة.