حتى وقتٍ قريب، كانت التجارة في البحرين تُعد مجالاً يكاد يقتصر على الرجال، باستثناء بعض المحاولات الفردية من نساء جريئات خضن غمار العمل التجاري، ونجحن في إثبات قدراتهن. اليوم، يتغير المشهد، إذ تخوض المرأة البحرينية معترك ريادة الأعمال بوعي وطموح، مدفوعة برغبة حقيقية في إحداث فرق داخل مجتمعها.

وبحسب بيانات عضوية غرفة تجارة وصناعة البحرين، فإن نحو 45٪ من المؤسسات الفردية باتت مملوكة لنساء، وتتوزع أنشطتها بين تجارة المواد الغذائية، وتصميم وخياطة الملابس، وصالونات التجميل، وبيع العطور والإكسسوارات، وغيرها من المجالات.

وفي قلب هذا التحول تقف مؤسسات داعمة، لعل أبرزها المجلس الأعلى للمرأة، الذي يواصل دوره في رعاية رائدات الأعمال وتحفيزهن على الابتكار، حيث أعلن عن انطلاق النسخة الخامسة من مبادرة "امتياز” التي تهدف إلى تسليط الضوء على إنجازات البحرينيات المتميزات في مجال ريادة الأعمال. وليس هذا التحفيز ترفاً، بل كان حافزاً جوهرياً في مسيرة كثيرات منهن نحو التفوق خارج حدود السوق المحلية. فقد وصلت مثلاً إحدى الرائدات بمنتجاتها إلى زبونات من الشرق والغرب مثل ملكة الأردن وملكة بريطانيا، وأخرى توسّع نطاق مشروعها إلى السوق السعودي الكبير بثقة، وكلتاهما ممن حظين بختم «امتياز».

من هنا، يأتي إعلان سمو الشيخة حصة بنت خليفة آل خليفة، رئيسة لجنة مبادرة «امتياز»، عن إطلاق دورتها الخامسة، بناءً على توجيهات كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، حفظها الله، لتستمر مسيرة الدعم والتحفيز للبحرينية في ريادة الأعمال، وهو إعلان يحمل في جوهره رسالة واضحة: تمكين المرأة في المجال التجاري لم يعد خياراً، بل ضرورة لفتح آفاق أوسع أمام نساء أثبتن جدارتهن في ساحات العمل والإنتاج.

من جانب آخر، نعلم أن بعض النساء قد لا يُدرن المشاريع التجارية المسجلة بأسمائهن بشكل مباشر، لكن أرى أن مجرد موافقتهن على تسجيل السجل التجاري بأسمائهن لصالح أقاربهن من الرجال كأزواجهن أو أبنائهن أو آبائهن بحيث يوفرن لهم الغطاء القانوني، يُعد مساندة لا تُقدَّر بثمن للأسرة وهو حتماً صورة صادقة من صور الوفاء الأسري والتكامل بين أفراد العائلة من أجل تحسين الواقع الاقتصادي وبناء مستقبل أكثر استقراراً.

تحليق منفرد

تكرار استيراد الأزمات الخارجية وإقحامها في الداخل من باب التعاطف القومي أو الديني أو المذهبي، أمر مزعج ويثقل كاهل بلد صغير كالبحرين، بل ويعكر صفو الأمن والاستقرار فيه وهو حتماً انفعال لا مسؤول ومبالغة في التعاطي مع الأخبار والأحداث التي لا تمسنا مباشرةً ولا علاقة لنا فيها.