في خضم التصعيد العسكري الذي تشهده المنطقة منذ ما يزيد عن أسبوع، يبرز التدخل الأمريكي المباشر مؤخراً كعامل مفصلي من شأنه أن يعيد رسم معادلات القوة والنفوذ في المنطقة.

فمع اتساع رقعة الاشتباك وتعدد الأطراف المنخرطة فيه، تقف دول مجلس التعاون، ومعها كل منطقة الشرق الأوسط، أمام لحظة اختبار دقيقة تستوجب الحذر والتأهب، دون الوقوع في فخ الذعر أو الانجراف وراء الضجيج الإعلامي والشائعات.

ولا شك أن موقف دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها مملكة البحرين، يعكس نضجاً استراتيجياً متقدماً في التعامل مع الأزمات الإقليمية، فبدلاً من الانفعالات اللحظية غير المدروسة، اختارت البحرين التركيز على أمن الوطن والمواطن والمقيم في الدرجة الأولى، عبر تعزيز إجراءاتها الاحترازية بعيداً عن أي توظيف سياسي أو اصطفاف أو استعراض إعلامي.

وكإعلامية ومتابعة للشأن المحلي؛ فقد لمست، كما لمس جميع المواطنين والمقيمين، يقظة الدولة من خلال الرسائل المباشرة التي بثتها الجهات الرسمية على مدى الأيام الماضية، والتي حملت طابعاً عملياً ومطمئناً، فقد كانت رسائل واضحة، خالية من التهويل، تدعو للوعي والتعاون، وتؤكد على متابعة دقيقة لمستجدات الأوضاع، مع التأكيد على أن البحرين، كما كانت دوماً، قادرة على حماية مجتمعها واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.

هذه الأوضاع الاستثنائية تعيدنا إلى سنوات خلت، حيث أظهرت المملكة كفاءة استثنائية خلال جائحة كورونا، وتصدرت قوائم الأداء الصحي والإداري على مستوى العالم، فقد كانت الخطوات التي اتخذت حينها حاسمة ومدروسة، شملت كل مفاصل الحياة، من الصحة والتعليم إلى الاقتصاد والأمن المجتمعي، والنتيجة كانت واضحة؛ تجاوز الأزمة بأقل الخسائر وأكثر درجات الأمان والطمأنينة.

اليوم، في ظل ضجيج الحرب تعيد البحرين تأكيد المعادلة ذاتها؛ الأمان لا يصنعه الصراخ بل الحزم، والاستقرار لا تحققه البيانات النارية، بل السياسات المتأنية.

وبكل تأكيد، فإن المسؤولية لا تقع على الدولة وحدها، بل هي مسؤولية المجتمع، مواطنين ومقيمين، وهما المطالبان أكثر من أي وقت مضى بالاعتماد على المصادر الرسمية للمعلومة، وتجنب الانجرار وراء الشائعات أو الأخبار المفبركة التي تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي، فبعض هذه الشائعات لا تنطلق من فراغ، وقد يكون الهدف منها إثارة البلبلة وبث القلق في نفوس الناس، وربما التشويش على الجهود الأمنية والوقائية التي تبذلها الدولة.

في لحظات الاضطراب لا يقاس وعي الشعوب بانفعالاتها، بل بثباتها وانضباطها، والبحرين أثبتت أكثر من مرة أنها قادرة على تجاوز العواصف، إذا ما التزم الجميع بخريطة الطريق التي ترسمها الدولة، وتنفيذ ما تصدره الجهات المختصة من تعليمات وإجراءات.