سألت (التشات جي بي تي) عن المنصات الرقمية للمكتبات الوطنية في الخليج، فأجابني في لحظة بمقدمة.

التشات: «المنصات الرقمية للمكتبات الوطنية في دول الخليج العربي تمثل بوبات معرفية مهمة توفر الوصول إلى الكتب، الوثائق، المخطوطات، والأبحاث الأكاديمية إلكترونياً، وهي تختلف من دولة لأخرى حسب تطور البنية التحتية الرقمية والخطط الوطنية للثقافة والمعرفة».

أنا: قلت في نفسي (حلو .. نحن في البحرين لا تنقصنا البنية التحتية الرقمية وطبعاً لا تنقصنا الخطط الوطنية للثقافة والمعرفة.. فدعنا نستعرض ما يوجد لدى دول الخليج ومنها دولتنا العزيزة بالطبع).

بدأ التشات باستعراض منصات الدول الخليجية.

التشات: مكتبة الملك فهد في السعودية ومنصتها.

المكتبة الوطنية ضمن مركز أبوظبي للغة العربية ومنصتها.

مكتبة قطر الوطنية ومنصاتها (أكثر من منصة قطرية).

عمان.. المكتبة الوطنية العمانية ومنصتها.

الكويت.. المكتبة الوطنية الكويتية ومنصتها.

أنا: لحظة أين البحرين؟ أين البحرين العريقة تاريخياً التي تحتاج أكثر من غيرها لنشر روايتها ونتاجها وتاريخها الوطني على لسانها لكثرة ما عبث بهذا التاريخ.

أجاب التشات

: لا توجد منصة بحرينية باسم المكتبة الوطنية.

هنا سكت الكلام مع التشات.

واتصلت بمركز الشيخ عيسى الثقافي فوراً باعتباره المكتبة الوطنية الرئيسية في البحرين، وسألت بحثاً عن جواب ليطمئن قلبي.

هل حقاً ليس لديكم منصة رقمية فجاءني الجواب:

نعم، إذ إن كلفة تأجير المنصات تبلغ سنوياً 6 آلاف دينار، ولا نملك هذا المبلغ!!

: معقولة.. البحرين بعراقتها وسمعتها وتاريخها، ونضع تحت تاريخها ألف سطر عاجزة عن إيصال نتاجها الثقافي رقمياً، والذي بإمكانه أن ينقل سردياتنا التاريخية إلى العالم؛ بسبب هذا المبلغ الزهيد؟

إنما السؤال للمكتبة هل أنتم جاهزون للرقمنة وتنقصكم المنصة، بمعنى هل حولتم جميع الكتب والإصدارات البحرينية إلى الرقمنة (ديجيتال) وتنقصكم المنصة فقط كي يصل نتاجنا الوطني وسردياتنا الوطنية لتاريخنا العريق إلى العالم، فتلك تكلفة أخرى؟

: نعم نحن جاهزون دون كلفة .. ولتلك حكاية أخرى.

: كيف؟

: كانت إمكانيتنا محدودة جداً لنسخ الكتب حين قررنا تحويل كتبنا إلى (ديجتال) ففي عام 2018 لم نكن نملك إلا جهاز النسخ العادي الذي يتطلب النسخ يدوياً أي أن نضع صفحة صفحة على الناسخ (السكنر) وننسخها، وذلك يتطلب أن نفك الكتب يدوياً وتفكيك صفحاتها والعمل على الكتاب صفحة صفحة ومن ثم إعادة لصقه، ورغم تلك الإمكانيات البسيطة بدأنا، وتمكن هذا القسم بتلك الإمكانيات المحدودة من نسخ ثلاثة آلاف كتاب (مؤخراً حصلنا على ناسخة أكثر تطوراً من السابق، لكنها ليست الأكثر تطوراً) إنما سهلت لنا العمل بعض الشيء.

: كنتم تعملون بقسم يضم أربع بنات ومسؤولاً واحداً على ذلك العمل المجهد لمدة 8 سنوات؟

: نعم وانتهينا من تحويل 3000 آلاف كتاب بحريني إلى (مرقمن) ولكن ليست لدينا منصة لعرضها.. إنما نبحث عن حلول.

نحاول أن (نتحاطط) نحن وبقية المكتبات كمكتبات الجامعات وبقية المؤسسات التي لديها أرشيف مرقمن وتحتاج لمنصة حتى نوفر الستة آلاف دينار سنوياً كي يكون لدى البحرين مكتبة رقمية (انتهى الاتصال).

التعليق:

أولاً: يُشكر القسم في المكتبة الذي عمل بجهد صامت دؤوب لمدة 8 سنوات بإمكانيات محدودة جداً ولكن هذا هو البحريني (كفو).

ثانياً: كما قال «التشات جي بي تي» المنصات الرقمية ضرورة إذا كانت الدولة معنية بإيصال سرديتها التاريخية للعالم ومعنية بإيصال نتاجها الثقافي لخارج نطاق دولتها، الناس تقرأ الآن رقمياً والشباب يقرؤون -إذا قرؤوا- رقمياً، وقليل منهم يرتاد المكتبة، ويأخذ الكتاب ويقرأ منه، ثم يعيده للمكتبة (هذا إذا كان الكتاب قابلاً للإعارة، فبعضها لا يمكنك أن تستعيره، بل تقرأه هناك، أو تستنسخه ويبقى الأصل في المكتبة).

والبحرين... البحرين تلك الزاخرة بالعلم وبالمثقفين، وروى أبناؤها سردياتهم والتي ستغني الباحث عن تتبع تاريخنا عبر غيرنا من الرواة، وتتبع نتاجنا الثقافي، لا يستطيع الباحث أن يصل إلى نتاجنا إلا إذا حضر إلى البحرين، أو إلى مركز عيسى الثقافي بنفسه والسبب.. أننا عاجزون عن دفع ستة آلاف دينار سنوياً!

ملاحظة:

كتبت أكثر من تعليق أختم به المقال، ومسحته لأني لا أريد أن أعلق في حالة غضب!!