أصبح من السهل في وقتنا الراهن في ظل الانفتاح والتفاعل المباشر على منصات التواصل الاجتماعي التعبير عن الرأي والمشاعر، خصوصاً في المواضيع الاجتماعية والفنية والقضايا التي تمس الرأي العام، ومما لاشك فيه فإن الانفتاح وهذه الحرية سلاح ذو حدين يحمل في ثناياه الإيجابيات والسلبيات على حد سواء. تبرز في كثير من الأحيان تحديات تتصدّر المشهد على منصات التواصل الاجتماعي من خلال ما يُنشر من تعليقات سلبية على هذه المواقع، وأغلب هذه التعليقات ردود أفعال لحظية غاضبة ليست نقداً بنّاءً وإنما سلبية وهجوم لا مبرر له على بعض الأشخاص أو المواقف أو على المجتمع، وهذا بالتأكيد له أثر كبير على نفسية الأفراد وتماسك المجتمع على ما يُشنّ من تعليقات مسيئة وسب وقذف غير مبرر له.النقد المتهكم والتعليقات السلبية قد تتسبب في نشر الإحباط وفقدان الثقة بالنفس للأفراد سواء أكانوا من الشخصيات العامة أم الشخصيات العادية ويمكن أن يجر ذلك إلى مشاعر القلق والاكتئاب من التنمر المقصود، قد يشعر الفرد بأنه غير مقبول أو غير كافٍ، وهذا قد يؤدي إلى تراجع عن الإبداع والإنتاج ولربما يؤدي إلى انسحابه من المجتمع الرقمي ويفضّل فيه العزلة عن المشاركة، وبدوره يؤثر ذلك على المجتمع في خلق عادات سيئة وتفشي الكراهية والتعصب ويدعو إلى بيئة سلبية، ولربما يؤدي إلى فوضى خاصة في القضايا الحساسة التي تمسّ الوطن والمواطن، فالرأي العام في بعض الأحيان كساعة موقوتة قد تكون معك أو ضدك.ويبدو أن التعليقات السلبية التي تُشنّ على بعض الشخصيات العامة من فنانين وبعض المشاهير والمسؤولين، تُشنّ من أشخاص للأسف محبطين ومشاعرهم سلبية وربما هم مرضى نفسيون، قد يشعرون من داخلهم أنهم غير مسموعين وبالتالي يدفعهم التصعيد في السلبية المقصودة إلى معنى «خالف تُعرف أو تُذكر»، ولربما يشعر بالغيرة والحسد لما يفتقده، وأحياناً تكون وسيلة للشعور بالسيطرة ومركزاً للقوة، وأياً كانت الأسباب فإن التعليقات السلبية تعزّز ثقافة مبدؤها الهجوم والسلبية والتنمر بدلاً من النقد والحوار البناء، لذلك لابد من تنظيم هذه العملية وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتنمر والسب والقذف.حكومة البحرين والجهات المعنية تتخذ خطوات متعددة للتعامل مع التعليقات السلبية والتنمر والسب على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تعزيز بيئة آمنة وصحية تقوي من التماسك المجتمعي من خلال قانون العقوبات وقانون الأحوال الشخصية وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية والكثير من القوانين التي تحافظ على كيان الفرد وتماسك المجتمع، لذلك لابد من الشخصيات العامة والمستهدفين التحلي بالثقة بالنفس وعدم الانصياع لهذه التعليقات الهدامة، وأجد أن العديد من المشاهير لا يحبذون قراءة التعليقات على منشور لهم على مواقع التواصل الاجتماعي وعدم الرد على أصحابها، فالتبرير على التعليق السلبي أو التنمر هي حوارات عقيمة لشعور المتنمر بأنه في ساحة حرب وعليه أن ينتصر حتى وإن كانت تعليقاته غير صحيحة وسلبية وهادمة بقدر كبير، ربما يعيش صاحبه في حالة فوضى لا يشعر بها ولكن كلماته كالقذائف التي تستبيح الموت السريع وتهدم بيوتاً آمنة، فلنترفق فلسنا على منصات حربية وإنما مواقع وجدت للتفاعل البنّاء.
fatema.aa@hotmail.com
Opinion
التعليقات السلبية.. هل هي ساحة حرب!!
15 يوليو 2025