في المطار، قبل أيام، شاهدت مشهداً يصلح لأن يكون إعلاناً ساخراً عن «الحب في زمن وسائل التواصل الاجتماعي». زوجة ترتدي أرقى الماركات، وتلتقط الصور واحدة تلو الأخرى بابتسامة مدروسة، بينما زوجها يجلس بجانبها كقطعة أثاث مهملة في صالة الانتظار.
كانت تتحدث عن الرحلة بحماس لا ينقصه سوى موسيقى تصويرية، أما هو فكان يراجع هاتفه بملل وكأنه في اجتماع عمل ممل. لا أحد كان هناك... سوى صورة ستُنشر قريباً بعنوان «أفضل صيف في حياتنا».
النقود قادرة على أن تحجز لك إجازة في أجمل منتجع، لكن ما فائدة جناح مطل على البحر إذا كان القلب مغلقاً بإحكام؟ يمكنها أن تشتري لك تذاكر الدرجة الأولى، لكنها لا تضمن لك حواراً من الدرجة الأولى. كم من صور سفر غالية الثمن لزوجين يبتسمان أمام كاميرات الهواتف وكأنهما عاشقان، بينما أقصى تواصل حقيقي بينهما هو الاتفاق على أي فلتر يناسب الصورة!
الأطرف -وربما الأكثر سخرية- أن بعض الأزواج يعاملون السفر وكأنه إسعاف طارئ للعلاقة. يظنون أن تغيير البلد سيغيّر مشاعرهم، وأن الطيران بعيداً عن البيت سيطرد الخلافات. لكن الحقيقة أن المشاكل التي تحاول الهروب منها لا تحتاج فيزا لتلحق بك، فهي تصل معك إلى الفندق قبل وصول الحقائب.
النقود قد تشتري صمتاً مؤقتاً بينكما، لكنها لا تشتري رغبة حقيقية في البقاء معاً. بعض الأزواج يملؤون برامجهم السياحية حتى آخر دقيقة وكأنهم يهربون من الجلوس وجهًا لوجه. يزورون الأماكن السياحية، يلتقطون الصور، يضحكون أمام الآخرين، لكنهم حين يعودون إلى الغرفة... يعود كل شيء كما كان: صمت بارد وابتسامات مجاملة.
الحب الحقيقي لا يحتاج تذاكر سفر، بل يحتاج قلباً يختارك في أقرب كوفي شوب قبل أن يختارك في أبعد جزيرة. يحتاج حديثاً عفوياً أطول من قائمة الطعام، وضحكة صادقة لا تخشى أن تكون خارج الكادر. النقود قد تمنحك ذكريات مصوّرة، لكنها لن تمنحك حكاية حقيقية تعيشها دون جمهور.
وبصراحة، يظل الزواج الناجح مثل الأشياء النادرة: لا يُشترى، ولا يُقاس بوزن الذهب ولا بعدد الأختام في جواز السفر. المال يفتح لك الأبواب.. لكنه لا يضمن أن تجد خلفها قلباً ينتظرك.
«المال يشتري الفراش الناعم.. لكنه لا يشتري النوم الهانئ».