بين إسرائيل وإيران تنافسٌ على احتلال مساحات من الدول العربية للاستيلاء على طرق تجارية تصل الشرق بالغرب، مبنيٌّ على هدم أُسس الدولة وذلك بتمويل ميليشيات بدعوى حماية الأقليات، ذلك هو ملخّص ما نراه الآن في سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن، وفلسطين.إسرائيل الآن بحجّة حماية الدروز تقوم بالدور الإيراني السابق بعد أن أزاحته من سوريا، بتمويل أقليات ورعاية صراع والدخول كطرف لا مع أقليات تحميها إيران، بل صراع مع الدولة، لا إيران ولا إسرائيل تريدان أن تقوم في سوريا دولة، الاثنان يريدان فراغ سلطة كي يتمددا فيها.المضحك أن مؤيدي و(فانزات) إيران يعتقدون أن من اعترض على الاحتلال الإيراني ورفضه وتصدّى له هو حتماً ولابد أنه مؤيد للاحتلال الإسرائيلي، ومقتنعون بهذه النظرية.وكأن الشعوب العربية مسلوبة الإرادة أو الخيارات، إما أن نفتح لإيران أبوابنا بحجة أنها دولة مسلمة أحسن من غيرها، أو نفتح لإسرائيل الباب، وإلا فإن من يعترض هو متصهين إذ لا خيار ثالثاً لهما، لا بل ويفرضون هذين الخيارين على النظام السياسي فلا يكتفون بالانحياز، بل على النظام أن يُعلن أي الاحتلال يختار؟«الأقليات» في الدول العربية تعتقد أنها لن تكون آمنة إلا بحماية أجنبية، وغير مستعدة أن تعطي للدولة فرصة وتتصالح معها، وهي في ذات الوقت حين تتمكّن تُقصي البقية أيضاً بحجّة حماية نفسها، لا أحد يريد أن يسمع أو يرى أو يفهم معنى الدولة الوطنية وأهميتها، وأن المساس بها لن يوفر الأمن لهذه الأقليات، وأن الاستنجاد والاحتماء وفتح الباب لأي قوة أجنبية لن يوفر لها الأمان أيضاً، واسألوا جميع الأقليات التي استنجدت بإيران أو تلك التي تستنجد بإسرائيل الآن، الدولة هي الحامي الحقيقي وهي التي يجب أن تجمع الكل تحت مظلتها وألا تتوانى في الحفاظ على الهوية الوطنية والعمل على تعزيزها بين فئات المجتمع.الدولة نعمة لا يعرفها إلا من فقدها، أو من يخشى أن يفقد ما تبقى منها، ويضع يده على قلبه يومياً خشية أن تنهار، الحياة في تلك الدول تحاول أن تصمد أن تتمسّك بما تبقى من صورها الواهية.المدارس، الشوارع الآمنة، المستشفيات، العيادات، البنوك، الأسواق، مراكز الشرطة، الاتصالات، الكهرباء والماء، النظافة، مواقع العمل، المعاشات الشهرية، البيع والشراء.نحن شعوب بعيدون ولله الحمد عن القلق على تلك الأمور إنما فكرة «الدولة الوطنية» مازالت ضبابية عند الكثير غير واضحة، صراع الهويات مازال عاملاً مهدداً، المعالجات التي نعمل بها مازالت سطحية وشكلية، لا أحد مستعداً على المصارحات والمكاشفات الحقيقية ومكتفون بأن الأمور طيبة الآن!!ما فعلته إسرائيل بسوريا وغزة وما فعلته إيران بخمس عواصم عربية يجعلنا نُعيد النظر في تقييم مستوى الوعي والإدراك بالدولة الوطنية، هل هو على الدرجة التي نتمناها كي نأمن على أنفسنا وعلى دولتنا ألا تكون تلك الهويات مدخلاً وباباً لدخول قوى أجنبية إسرائيلية أو إيرانية؟
s.alshaeer@gmail.com
Opinion
أي احتلال تفضّل؟
19 يوليو 2025